في ذكرى الشهيد ياسر عرفات.. يبحث الفلسطيني عن نصرة من في القبور

علاء الريماوي
11-11-2018
كتب: علاء الريماوي - مركز القدس

لم تكن الحالة الفلسطينية في تاريخها بهذا القتام، والضعف، حتى في ساعات الهزيمة االمتتابعة عامي 48، 67.

على الرغم من خسارة الأرض والهزيمة، واللجوء، لكنها كانت متماثلة مع حالة النكسة في الأمة بشكل عام ، مما خفف المسؤولية عن الفلسطيني بشكل مباشر.

المتابع للواقع الفلسطيني، والقارئ للتاريخ، تصدمه الانتكاسات في تاريخه، سواء من دور بعض الشخصيات والعائلات، وحتى سلوك التقارب مع الانجليز من قبل تشكيلات كانت تلبس ثوب الوطنية، عدا عن شكل التعاطي مع الأردن والمستعمرات الصهيونية.

هذا الانحراف ظل مستنكرا، وظل البحث عن بوابة تصويب أفرزت جسما وطنيا مقاوما.

في واقعنا، الذي نعيش الخيبة هي الأكبر، فقد شطرنا ارباعا، واتهمنا بعضنا، وخونا، وحاصرنا، وتناحرنا، ودخلنا في اصطفافات كئيبة، حتى أن الاحتلال كان له نصيب منا باشكال مختلفة.

حال القسمة لم تتوقف عند السياسي و الحزبية، بل بات نحسه ينقلب على الحالة المجتمعية نفسها، فسهل الانحراف، وترسخت الجريمة بشكل وآخر.

على الرغم من ذلك التصحيح الفطري يغالب، ينتصر احيانا، خاصة حين تبرز منا أمة، تحمل المبادئ عبر رواية الدم، تعالج فينا التشوه، ثم تخبوا فنعود للقسمة من جديد.

في عهد الشهيد ياسر عرفات، كنت ناشطا طلابيا، شابا شديد النقد، (طويل اللسان) اعتقلت وفصلت من عملي، ضربت وعذبت، حتى قبيل انتفاضة الأقصى، كنت معلقا في سجن جنيد حتى بدأت الأحداث على الأرض، لكنني ما وصلت للاحباط الذي عليه الآن، عدا عن الشعور العام من توقيع اوسلو، و انقسام حول المنهج، واحتراب وصل للقتل على بوابة مسجد فلسطين، وتشريع الاتفاق مع الاحتلال، ودعم التطبيع.

لكن ظل هناك خميرة، مهمة، وفهم عميق، لشكل الصراع، حتى إذا حانت ساعته، عادت المعادن، وقيمت المسيرة، وانقلب كل السحر على الساحر العربي والأمريكي وصاحب القبعة، عبر احتضان المقاومة، ومدها بكل مقومات النجاح.

الشهيد ياسر عرفات، حين وقع اوسلو كان متهما، وحين احتضن المقاومة، عادت في ذاكرة الشعب صورته التي صنعت على اعتاب بيروت، وحضوره في تاريخ الثورة الفلسطينية. الحديث عن التاريخ وتطورات الواقع جعلت الجيل الفلسطيني، يعيش الغربة في هذا الزمان، قتل الشهيد فغاب قاتله، وصمتت عن الثأر بنادق نهجه، وتفككت بنية مقاومة هو والدها، حتى المشروع لم يعد هو، ولا البنية هي، ولا الخطاب هو.

وفي المقابل ظل الفلسطيني وفيا يتمنى العودة عبر بعث القبور، ليعود عرفات والياسين والشقاقي، وابو علي. هذه الأمنية والمقارنة بين من يحكمون، تعبر عن حجم اليأس، الذي في الناس، على الرغم من أن الأربعة الشهداء لم يصنعوا دولة ولم يعيدوا وطن، لكنهم ظلوا هم مشروع او لأمان للشعب الفلسطيني. لذلك حين استشهد اربعتهم بكينا، وخرجنا في جنازاتهم، وشاركنا في التصعيد، للايمان بأن نموذجهم يمثل الحالة الفلسطينية.

بلا شك دراسة التاريخ تحتاج مدرسة بحث وتأصيل وتثبت. لكن ما وثقت به تجاه حقبة الشهداء الكبار، أنهم الاستثناء على منصاتهم، والانقياء حين تطلب الخيل فرسانها. عاشت الذكرى للتصحيح والتقييم والفهم والا سنكون في كل عام شركاء الجريمة وإن لم نصل للقاتل عمدا.