في كلمة أبو عبيدة
عماد أبو عواد
24-07-2019
عماد أبو عوّاد\ مدير مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني
بالأمس ظهر الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة في كلمة موجزة حول أسرى الاحتلال لدى المقاومة، أبو عبيدة الذي يحظى بشعبية جارفة، والذي لربما الشخصية الأولى التي يُحبذ الفلسطينيون سماعها، ويُشعرون بالعزة والأنفة مع كل كلمة ينطق بها، وهي عندهم مصدقة وموثوقة.
لا شك أنّ الخطاب لقي ترحاباً واسعاً فلسطينياُ، وجسد الثقة الكبيرة في المقاومة الفلسطينية، وهو بمثابة رفع كبير لمعنويات الأسرى وذويهم، وتأكيد أهم على أنّ هذه المقاومة هي الحصن والحاضنة الأهم للشعب الفلسطيني، في فلسطين والمهجر.
ولكن بما أنّ الخطاب موجه للطرف الصهيوني، فإنّ تحليل الخطاب يجب أن يكون بانعكاس ذلك على الداخل الإسرائيلي، سواءً على الجمهور أو الساسة هُناك، وهل سيكون لهذا الخطاب تأثير في تحريك المياه الراكدة، من أجل الوصول إلى صفقة مشرفة على شاكلة تلك، التي تم الإفراج فيها عن مئات الأسرى الفلسطينيين من ذوي الأحكام العالية.
الرواية الإسرائيلية حيال جنودها أنّهم فارقوا الحياة، هذه الرواية التي قامت "إسرائيل" منذ اليوم الأول بتأكيدها، ولربما استطاعت من خلالها النزول عن الشجرة فيما يتعلق بإيقاف الحرب، باتت الرواية التي يتبناها الجمهور الإسرائيلي، باستثناء عائلات الأسرى الجنود، اللذين يصرون على أنّ ابناءهم على قيد الحياة، الإصرار الذي تراه شرائح إسرائيلية وازنة أنّه عاطفي ومن باب الأمل.
من ناحية الساسة والجهات الأمنية في "إسرائيل"، فإنّ الملف إلى الآن غير ضاغط، وتأخير ظهور أي معلومات حيال وضع الجنود، سيدعم روايتهم بأنّ جنودهم رُفات، وبالتالي هذا الواقع سيُمهد إلى بدء تقبل حتى عائلات الجنود الأسرى إلى التسليم بالسياسة التي تتبعها حكومتهم، هذا في ظل حقيقة أنّ حراكهم إلى الآن لم يلقى أذن صاغية لا من المسؤولين ولا من الجمهور الإسرائيلي.
لذى فإنّ تحريك الملف بات يعتمد على المقاومة بشكل أكبر، التي عليها تحريك الملف من خلال إشارة حقيقية حول واقع الجنود، وهُنا لا بدّ من التأكيد على أنّ الجنود إن كانوا على قيد الحياة فإنّ الثمن الذي ستجنيه المقاومة مقابل الإفراج عنهم سيكون كبير جدا، وسيتجاوز أي من الصفقات السابقة، كون هؤلاء الجنود أُسروا خلال الحرب، والأهم من ذلك أنّهم سيشكلون صدمة للمجتمع الصهيوني، الذي سيتقبل الإفراج عنهم بأي ثمن، بعد أن عادوا للحياة من وجهة نظره.
لك أن تتخيل المشهد التالي، خروج فيديو لأحد الجنود يتحدث ويرجو حكومته الإفراج عنه، وقع ذلك سيكون كبير جداً، لا بل وسيتحول ما تخشاه الحكومة الإسرائيلية إلى مطلب، فما لا يُريده نتنياهو بعقد صفقة كبيرة، سيُصبح مطلباً جماهيرياً، وأمنياً للإفراج عن جنود مضى عليهم خمس سنوات في الأسر، الأمر الذي سيجعل من يعقد الصفقة بطلاً من وجهة النظر الإسرائيلية، وليس منبطحاً كما يُحاول افيجدور ليبرمان تصوير ذلك، فلا جنود بدون ثمن، هذه القاعدة مترسخة في الذهن الإسرائيلي.
نتنياهو وحكومته يعلمون واقع جنودهم، هل هم على قيد الحياة أم لا، في الحالتين حكومته لن تُبادر بناءً على ما لديها من معلومات، بل ستترك الكرة في الملعب الآخر، واستمرار الملف بهذه الطريقة ضاغط أكبر على الطرف الفلسطيني وليس الإسرائيلي، فرفات الجنود وفق "إسرائيل" يجب استعادتها، لكن هذه الاستعادة لا يجب أن تكون بأي ثمن، والأهم من ذلك هناك المزيد من الوقت، على أمل تحقيق اختراقه بهذا الملف.
ختاماً، في ظل المُعطيات المحلية والإقليمية تُسطر المقاومة الفلسطينية، واقعاً لم تستطع دول بثقلها تسجيله، وباتت تُمثل قوّة ردع كبيرة للكيان، وباتت أكثر ابداعاً في حرب العقول، لكن في ظل حقيقة تحول "إسرائيل" إلى دولة الانقسامات الايدولوجية والسياسية، فإنّ التزام الجمهور الإسرائيلي بتبني أيدولوجيته، باتت أهم من تغيير وجهة نظره السياسية بناءً على أداء حكومته، بل بناءً على الانتماء، وهذا ما يؤكده التوجه العام في الدولة العبرية، فاليمين يتبنى اليمين، ويزداد تطرفاً نحوه حتى في ظل قيادة فاسدة، وكذلك الشق الآخر، بمعنى أنّ الرهان على أنّ هذا الملف سيضغط الحكومة الإسرائيلية، وسيؤدي إلى اسقاطها في حال كان مخالفاً لما تم تشريبه للجمهور الإسرائيلي بعيد عن الحقيقة. فمن يؤمنون بنتنياهو يؤمنون به ولو قادهم إلى القاع، وهذه من إشارات ضعف الدولة، وعدم قدرتها تفريخ قيادات حقيقية بديلة.
بالأمس ظهر الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة في كلمة موجزة حول أسرى الاحتلال لدى المقاومة، أبو عبيدة الذي يحظى بشعبية جارفة، والذي لربما الشخصية الأولى التي يُحبذ الفلسطينيون سماعها، ويُشعرون بالعزة والأنفة مع كل كلمة ينطق بها، وهي عندهم مصدقة وموثوقة.
لا شك أنّ الخطاب لقي ترحاباً واسعاً فلسطينياُ، وجسد الثقة الكبيرة في المقاومة الفلسطينية، وهو بمثابة رفع كبير لمعنويات الأسرى وذويهم، وتأكيد أهم على أنّ هذه المقاومة هي الحصن والحاضنة الأهم للشعب الفلسطيني، في فلسطين والمهجر.
ولكن بما أنّ الخطاب موجه للطرف الصهيوني، فإنّ تحليل الخطاب يجب أن يكون بانعكاس ذلك على الداخل الإسرائيلي، سواءً على الجمهور أو الساسة هُناك، وهل سيكون لهذا الخطاب تأثير في تحريك المياه الراكدة، من أجل الوصول إلى صفقة مشرفة على شاكلة تلك، التي تم الإفراج فيها عن مئات الأسرى الفلسطينيين من ذوي الأحكام العالية.
الرواية الإسرائيلية حيال جنودها أنّهم فارقوا الحياة، هذه الرواية التي قامت "إسرائيل" منذ اليوم الأول بتأكيدها، ولربما استطاعت من خلالها النزول عن الشجرة فيما يتعلق بإيقاف الحرب، باتت الرواية التي يتبناها الجمهور الإسرائيلي، باستثناء عائلات الأسرى الجنود، اللذين يصرون على أنّ ابناءهم على قيد الحياة، الإصرار الذي تراه شرائح إسرائيلية وازنة أنّه عاطفي ومن باب الأمل.
من ناحية الساسة والجهات الأمنية في "إسرائيل"، فإنّ الملف إلى الآن غير ضاغط، وتأخير ظهور أي معلومات حيال وضع الجنود، سيدعم روايتهم بأنّ جنودهم رُفات، وبالتالي هذا الواقع سيُمهد إلى بدء تقبل حتى عائلات الجنود الأسرى إلى التسليم بالسياسة التي تتبعها حكومتهم، هذا في ظل حقيقة أنّ حراكهم إلى الآن لم يلقى أذن صاغية لا من المسؤولين ولا من الجمهور الإسرائيلي.
لذى فإنّ تحريك الملف بات يعتمد على المقاومة بشكل أكبر، التي عليها تحريك الملف من خلال إشارة حقيقية حول واقع الجنود، وهُنا لا بدّ من التأكيد على أنّ الجنود إن كانوا على قيد الحياة فإنّ الثمن الذي ستجنيه المقاومة مقابل الإفراج عنهم سيكون كبير جدا، وسيتجاوز أي من الصفقات السابقة، كون هؤلاء الجنود أُسروا خلال الحرب، والأهم من ذلك أنّهم سيشكلون صدمة للمجتمع الصهيوني، الذي سيتقبل الإفراج عنهم بأي ثمن، بعد أن عادوا للحياة من وجهة نظره.
لك أن تتخيل المشهد التالي، خروج فيديو لأحد الجنود يتحدث ويرجو حكومته الإفراج عنه، وقع ذلك سيكون كبير جداً، لا بل وسيتحول ما تخشاه الحكومة الإسرائيلية إلى مطلب، فما لا يُريده نتنياهو بعقد صفقة كبيرة، سيُصبح مطلباً جماهيرياً، وأمنياً للإفراج عن جنود مضى عليهم خمس سنوات في الأسر، الأمر الذي سيجعل من يعقد الصفقة بطلاً من وجهة النظر الإسرائيلية، وليس منبطحاً كما يُحاول افيجدور ليبرمان تصوير ذلك، فلا جنود بدون ثمن، هذه القاعدة مترسخة في الذهن الإسرائيلي.
نتنياهو وحكومته يعلمون واقع جنودهم، هل هم على قيد الحياة أم لا، في الحالتين حكومته لن تُبادر بناءً على ما لديها من معلومات، بل ستترك الكرة في الملعب الآخر، واستمرار الملف بهذه الطريقة ضاغط أكبر على الطرف الفلسطيني وليس الإسرائيلي، فرفات الجنود وفق "إسرائيل" يجب استعادتها، لكن هذه الاستعادة لا يجب أن تكون بأي ثمن، والأهم من ذلك هناك المزيد من الوقت، على أمل تحقيق اختراقه بهذا الملف.
ختاماً، في ظل المُعطيات المحلية والإقليمية تُسطر المقاومة الفلسطينية، واقعاً لم تستطع دول بثقلها تسجيله، وباتت تُمثل قوّة ردع كبيرة للكيان، وباتت أكثر ابداعاً في حرب العقول، لكن في ظل حقيقة تحول "إسرائيل" إلى دولة الانقسامات الايدولوجية والسياسية، فإنّ التزام الجمهور الإسرائيلي بتبني أيدولوجيته، باتت أهم من تغيير وجهة نظره السياسية بناءً على أداء حكومته، بل بناءً على الانتماء، وهذا ما يؤكده التوجه العام في الدولة العبرية، فاليمين يتبنى اليمين، ويزداد تطرفاً نحوه حتى في ظل قيادة فاسدة، وكذلك الشق الآخر، بمعنى أنّ الرهان على أنّ هذا الملف سيضغط الحكومة الإسرائيلية، وسيؤدي إلى اسقاطها في حال كان مخالفاً لما تم تشريبه للجمهور الإسرائيلي بعيد عن الحقيقة. فمن يؤمنون بنتنياهو يؤمنون به ولو قادهم إلى القاع، وهذه من إشارات ضعف الدولة، وعدم قدرتها تفريخ قيادات حقيقية بديلة.