قراءة سياسية حول السلطة والواقع موجهة للرئيس عباس وقادة الاجهزة الأمنية الفلسطينية (1)

علاء الريماوي
28-12-2018




كتب: علاء الريماوي : مركز القدس




لم يكن الواقع الفلسطيني بالسوء الذي عليه اليوم، سواء كان على الصعيد الداخلي أو الخارجي ، بالإضافة إلى الضعف البين في القدرة على مواجهة الاحتلال وأداء الحكومة المضطرب والذي قد يسهم في انفجار خطير، إذ نحاول في هذه القراءة نقديم النصح لمن يعنيهم الأمر للمساهمة في الإضاءة على بعض القضايا الخطيرة، والتي يمكن من خلالها إثارة نقاش وطني للخروج من المازق الوطني الذي نعيش.



 



أردت توجيه هذه القراءة للرئيس وقادة الأجهزة الأمنية الذين يقدمون ويتلقون تقديرات للموقف بشكل شهري لكنها للاسف لم تنتج حالة من التقييم السياسي الحقيقي.



 



وهنا وحتى لا نظل في اطار النقد، على الرغم من موقفي المعارض لأداء السلطة أحاول هنا قرع جدار الخزان حتى لا نظل في ارتكاسة متسارعة وخطيرة.



 



أ: بيئة الاحتلال السياسية ومنجزاته على حساب القضية الفلسطينية



 



من الجهل بمكان، التقدير بأن بنية الحكم في إسرائيل ستتغير خلال السنوات العشر القادمة.



 



ما نفهمه من خلال المتابعة والقراءة لبنية الاحتلال السياسية، بأن اليسار قد تقوقع وانحسر على صورة حزب العمل الضعيف وميرتس المتلاشية.



 



أما الوسط فقد بات اقرب لليمين في فكر السياسية كلابيد عدا عن المتوقع ظهورهم على رأس أحزاب من العسكر "كيعالون و جانتس" رؤساء أركان الاحتلال السابقين.



 



لذلك حاولنا خلال الشهور الماضية قراءة التحولات في المجتمع الصهوني وتوجهاته الانتخابية عبر تحليل 16 استطلاع رأي، عدا عن ربط الاستطلاعات بآخر مرحلتين انتخابييتين، وجدنا الآتي:



 



أولا: تصاعد التوجه اليمني داخل المجتمع، خاصة تلك المرتبطة بقضايا المواجهة مع الفلسطينيين اذ تتوفر غالبية تصل الى 70 % ترفض التفريط بالقدس الشرقية والانسحاب من المستوطنات، عدا عن رفض الحديث عن دولة مستقلة للفلسطينيين بنسب تختلف لكنها تتقارب.



 



ثانيا: يميل الناخب الصهوني الى اختيار الوجوه اليمنية على حساب اليسارية والوسط، إذ ما زالت بنية اليمين وشخوصه تسيطر على 68 % من المؤسسات الصهونية المختلفة، بشكل تصاعدي، سواء على صعيد الكنيست، النقابات الاتحادات، ويتراجع في المقابل حضور اليسار الى مستوى التقهقر.



 



ثالثا: تعتبر شعارات اليمين وأفكاره في السياسة ضد الفلسطيني هي الأكثر حضورا، في الاعلام و مراكز البحث الكبرى في اسرائيل، سواء في قضايا المستوطنات القدس، التعاطي مع عرب الداخل، اللاجئين، وشكل الدولة.



 



رابعا: يتوفر لليمن الحاكم في اسرائيل لوبي يميني متطرف داعم بلا حدود، في الولايات المتحدة واوروبا يتفق في الافكار يتماهى في شكل التعاطي مع الفلسطيني.



 



خامسا: تشير الرؤية التحليلية التي اجريناها الى أن الداعمين للكيان في أمريكا وأوروبا من المفاصل الحاكمة يتبنون الرؤية اليمينية لإدارة الصراع.



 



سادسا : نجح اليمين في السيطرة على بنية الدولة ومفاصل قولبة الرأي العام مما توفر له إجماع في المؤسسة الصهيونية الحزبية ، والسياسية، والامنية على أن الحل الممكن مع الفلسطيني، يندرج في الاطار الاقتصادي، مع التسليم بأن الواقع الفلسطيني ضعيف وغير مقلق للاحتلال، خاصة في جوانب السياسة وافق المواجهة مع الاحتلال.



 



هذه السداسية من النقاط، هي الأهم في إطار استطلاعنا المطول لبنية المجتمع الصهيوني خلال السنوات العشر والتي أشارت إلى حتمية في الاستنتاج الذي توصلنا اليه، ما لم يحدث هناك قدرية كونية تغير من المعطيات الناتجة عن التحليل .



 



في ذات السياق حاولنا أيضا حصر ما أنجزه الاحتلال خلال السنوات الماضية من وجهة نظره والمتفقة مع رؤيته اليمينية، إذ يمكن تلخيص ذلك بالاتي:



 



ب : انجازات الاحتلال ونظرته لمبادئ المواجهة مع الفلسطيني



 



أولا : على صعيد السلطة الفلسطينية .. يرى الاحتلال بان البنية السياسية هشة في الضفة الغربية، بعد الرئيس ابو مازن وخلاله، متفقة هذه الحالة مع رؤية الدول العربية الرسمية، الأمر الذي ولد أشكال من العلاقات مع العرب على حساب السلطة.



 



ثانيا : القراءة الاستراتيجية للاحتلال وصفت العلاقة مع السلطة في السنوات الأخيرة على انها منهج للتعامل مع ادارات حكم وليس كيان له رأس ضابط للايقاع، أي أن التعامل يتم مع كيانات داخل السلطة كالاتصال بها عبر( وزاراء مدراء عامين، إدارة مدنية، مستويات أمنية، مستويات اقتصادية ) بحسب الاختصاص.



 



ثالثا: يرى الاحتلال بأن المنهجية القائمة في التعامل مع الجانب الفلسطيني يجب أن تربط حالة الرفاهية بالأمن تحت عنوان (الاقتصاد المسيطر عليه مقابل حالة أمنية مستقرة) لكن المرة من خلال التحكم بالمصادر المالية للسلطة (المقاصة) باعتبارها الجزرة التي يتم المقايضة بها.



 



رابعا: تخليص السلطة مواطن قوتها عبر الاحتكاك المباشر مع المجتمع الفلسطيني عبر المنصات التجارية والسفر، والعمل داخل الكيان، الأمر الذي أضعف حضور السلطة في الساحة الفلسطينية وسيضعفها لدور متسع للادارة المدنية.



 



خامسا: نجح الاحتلال في التاسيس لحركة نخبوية لم تعلن عن نفسها بعد، تقترب من خيارات الاحتلال ترتبط بالاحتلال في الضفة الغربية والقدس وتمارس اشكالا شبه اجتماعية وسياسية تقترب من الحزب الحاكم والسلطة وتلعب أدوارا خطيرة الان وسيكون لها أدوار أكبر خلال المرحلة القادمة.



 



سادسا: اسس الاحتلال ثقافة للانقسام، قبلناها وتعاملنا بها، ومنهجناها، مما اتاح للاحتلال الاستفراد بكل طرف من الاطراف بصيغة تناسبه مرحليا واستراتيجيا، وجعل سلوكنا لاسباب مختلفة ينتج حركة مؤسسات وأفراد تتكسب من الانقسام وتعتاش على الخراب الذي صنعه.



 



سابعا: استفاد الاحتلال من الانقسام بناء استراتيجية تعامل مع الفلسطيني تقوم على رؤية سياسية تتجاوز الحصار لغزة، وصولا الى بناء حكم قطاعي مقسم بين قوى اقتصادية وأمنية وسياسية واجتماعية للضفة، تتصل مصلحيا بالاحتلال والدول المجاورة هذا في الضفة أما غزة فالرؤية إدخالها تحت ضغط الحاجة عبر سيناريو " المقايضة على الحياة بأدوات عربية وغربية" .



 



ثامنا: يرى الاحتلال أن مؤسسته نجحت في بناء علاقات استراتيجية مع العرب، ودول اسلامية متجاوزة معها الملف الفلسطيني بكل تفاصيلية، بل هناك تلميحات واضحة لتفاهمات مع بعض العرب على ملفات في القضية الفلسطينية كالقدس والاجئين والحدود.



 



تاسعا: تتسع ظاهرة الاختراق الإسرائيلي في ساحات النصرة للقضية الفلسطينية على الصعيد الدولي، إذ تمكن الاحتلال من قولبة الرأي السياسي العالمي بما يخدم سلوكه السياسي والأمني.



 



عاشرا: اليوم خسرنا الجغرافيا في الضفة الغربية، والديمغرافيا والجغرافيا في القدس لصالح مخططات الاحتلال إذ تشير كل المعطيات التي رصدناها الى هجرة المواطن المقدسي من القدس، واحلال استيطاني خطير في المدينة، عدا عن تآكل حفظ العقار والأرض في المناطق الحيوية في القدس والضفة الغربية.



 



حادي عشر: الاحتلال نجح في ضرب البنية الاجتماعية بمستويات مخيفة، وتحقيق دوائر اختراق مهولة، سيصعب معالجتها في حال القرار بالمواجهة معه في أي مرحلة من المراحل.



 



في المقابل كيف كان سلوك المؤسسة السياسية في مواجهة الاحتلال :



 



الحديث هنا تشخصي معلوم، من قبل السلطة، لذلك للاسف سيعتبره البعض تحريضا لكن ما نكتبه هنا تشخيص لقائم مع تعليق للاثر المتروك على الاحتلال:



 



أولا: التلويح المتعلق في تقييم العلاقة مع الاحتلال في ظل علم السلطة أن التقييم المقدم لديها من البعض سلبي ونظري، ولا يمكن تطبيق أي من التوجهات الاقتصادية كون الإرادة منعدمة لاسباب مختلفة والاحتلال يعلم ذلك.



 



ثانيا: التلويح بالمؤسسات دولية ومحاكمة الاحتلال: هذا الاطار نظري، وغير فعال ومنذ القرار بمحاكمة الاحتلال، لم نخلق بعد حالة يمكن الاشارة اليها، وهذا لاسباب بنيوية تتعلق بضعف أدواتنا، وأخرى تتعلق بالجدية التي عليها بعض الدوائر المتابعة لهذا الملف.



 



ثالثا: الانضمام للمؤسسات الدولية: هذه بنية نظرية لا يمكنها تصحيح واقع دولي، ولا يمكنها البناء في مواجهة عناصر الهدم التي صنعها الاحتلال.



 



رابعا: حركة النضال الشعبي السلمي: الماثل في الضفة الغربية والذي تشرف عليه فتح باهت، ضعيف، حتى نموذج الخان الاحمر لم يشكل حالة يمكن البناء عليها كنموذج ثوري سلمي بجدوى حقيقية.



 



خامسا: المؤسسة وقدرتها على مواجهة اختراق المجتمع: للاسف سلوك الحكومة ضعيف، ومرتبك، وهذا ما سنفصله في قراءة مستقله، هناك سخط عال على أداء السلطة وحالة غضب متصاعدة يمكن قياسها من بعض استطلاعات الرأي.



 



سادسا: غياب اي منهج بنائي واعي لمواجهة الاحتلال وسياساته، على الرغم من كل ما يقال عن تصورات وخطط لا أثر لها على الارض.



 



ما أكتبه اليوم هو جهد سيتواصل في عناويين مختلفة لقيادة السلطة وأجهزتها، الأمنية بصفتي مواطن، يرى الحريق ويعي ابعاده، ويرى الكارثة في ظل صمت مطبق.



 



أكتب هنا ولست أدري مستوى الاهتمام فيه ، وإن سيقول البعض ان ما تكتبه سيرتد غضبا تجاهك أو ومادة جديدة للغضب.



لكن والله يشهد أنها محاولة صادقة للمساهمة في قرع جدار الخزان، لأنه سيليها كتابة لكافة الفئات الفلسطينة المختلفة.



 



الخاتمة الكتابة ليست هي الأهم، بل المهم والأهم ان تجد قائدا واحدا يأخذ على عاتقه التغيير، في الحالة الفلسطينية يبدو أنه لم يظهر يتحرك بعد