قراءة في الإحصاءات الإسرائيلية لأعمال المقاومة النصف الأول من العام 2022

ساري عرابي
28-07-2022
تحميل المادة بصيغة PDF

أوراق تحليلية

قراءة في الإحصاءات الإسرائيلية[1] لأعمال المقاومة

النصف الأول من العام 2022

ساري عرابي

مدخل

نظرة عامة..

يكرّس شهر حزيران/ يونيو الثبات النسبي السائد في منسوب أعمال المقاومة في الضفة الغربية والقدس منذ مطلع العام 2022، وذلك بحسب إحصائيات جهاز الأمن العام الصهيوني "الشاباك" بواقع 141 عملاً مقاومًا نوعيًّا (لا تشمل إلقاء الحجارة) وذلك بنسبة 16٪ من مجموع أعمل المقاومة طوال النصف الأول من هذا العام، وعلى نحو متقارب مع الشهرين الثاني شباط/ فبراير والثالث آذار/ مارس، وذلك في حين مثل شهر نيسان/ إبريل، القفزة الكبيرة في اتساع أعمال المقاومة، اتصالاً بشهر رمضان الذي زامن نيسان/ إبريل، وحالة التحفز الكبيرة التي واكبت تزامن الأعياد اليهودية مع الشهر الكريم، وما اتصل بذلك من اقتحامات المسجد الأقصى، ومسيرة الأعلام الصهيونية، وهو ما يعني أن تقارب حزيران/ يونيو مع الشهرين الثاني والثالث، يفيد الثبات النسبي في أعمال المقاومة في الضفة الغربية والقدس، بل وحتى الشهر الخامس زاد على السادس بـ 19 عملاً مقاومًا فحسب.

  

  • الشكل التالي يوضح حالة المقاومة في النصف الأول من عام 2022 بحسب الشهور.

 

الخسائر الإسرائيلية

بالنسبة للخسائر الإسرائيلية طوال النصف الأول من السنة، فقد بلغت بحسب الاعترافات الإسرائيلية 19 قتيلاً صهيونيًّا و50 جريحًا. في سلسلة عمليات نوعية في أشهر آذار/ مارس، وإبريل/ نيسان، وأيار/ مايو، وذلك على النحو التالي، فيما تعلق بالعمليات التي أدت إلى قتلى في هذه الشهور:

 

  • آذار/ مارس
  • 4 قتلى في عملية طعن ودعس في بئر السبع، في الثاني والعشرين من الشهر.
  • قتيلان في عملية إطلاق نار في الخضيرة وقعت في السابع والعشرين من الشهر.
  • 5 قتلى في عملية إطلاق نار في "بني براك" وقعت في التاسع والعشرين من الشهر.
  • يضاف إلى ذلك 27 جريحًا في هذا الشهر، في العمليات المذكورة أعلاه، يضاف إليها 8 عمليات أخرى، 7 منها طعن وواحدة دعس، وقعت في مدينة القدس، وبلدة حزما، وبلدة السيلة الحارثة، وراس العمود بالقدس.

 

  • نيسان/ إبريل
  • 3 قتلى في عملية إطلاق نار في "تل أبيب" وقعت في السابع من الشهر.
  • قتيل في عملية إطلاق نار قرب مستوطنة "آرائيل" شمالي الضفة الغربية وقعت في التاسع والعشرين من الشهر.
  • يضاف إلى ذلك 11 جريحًا، في العمليات المذكورة أعلاه، وفي عمليات طعن في الخليل وعسقلان وحيفا، وفي إطلاق نار عند "قبر يوسف" في نابلس.

 

  • أيار/ مايو
  • 3 قتلى في عملية طعن في مستوطنة "إلعاد" في الخامس من الشهر.
  • قتيل في عملية إطلاق نار في قرية برقين، في الثالث عشر من الشهر.
  • يضاف إلى ذلك 6 جرحى في العمليات المذكورة أعلاه، وفي عملية طعن في باب العمود بالقدس، ورشق حجارة في حوارة بنابلس.

أما بقية شهور السنة، فـ 2 جريح في الشهر الأول في عملية دعس وعملية إشعال نيران، وجريح في الشهر الثاني أصيب بحجر، و3 جرحى في عملية إطلاق نار في "قبر يوسف".

 

ظروف العمليات المؤثّرة

يعني ذلك أن شهر آذار/ مارس يمثل ذروة العمل المقاوم النوعي، من حيث النتائج، ومن حيث عدد العمليات النوعية (11 عملية مؤثّرة)، وإن لم يكن الأعلى من حيث عدد أعمال المقاومة، وهو ما يمكن أن يفهم منه أنه كان بوابة إلى التصاعد الكبير في أعداد أعمال المقاومة في شهر نيسان/ إبريل، بالإضافة إلى الظرف الموضوعي سابق الذكر، حول تزامن نيسان/ إبريل مع رمضان ومع الأعياد اليهودية.

  • الشكل التالي يوضح الخسائر الإسرائيلية في النصف الأول من عام 2022 بحسب شهور السنة، وذلك بعد جمع الجرحى إلى القتلى.

يتضح أن 55٪ من خسائر الإسرائيليين وقعت في آذار/ مارس، وتجدر الإشارة هنا إلى أن عمليتين في هذا الشهر وقعتا في الداخل المحتل نفذهما فلسطينيون من الداخل المحتل عام 1948، كما أن ثلاث عمليات أخرى نفذت في الداخل المحتل نفذها فلسطينيون من الضفة الغربية، واحدة في آذار/ مارس، والأخريان، واحدة في نيسان/ إبريل، وواحدة في أيار/ مايو، مما يعني 5 عمليات نوعية، بواقع 17 قتيلاً، من أصل 19 قتيلاً.

يمكن أن يفهم من ذلك أن إغلاق "الفتحات" التي كان يتسلل منها المنفذون إلى الداخل المحتل، ساهم في الحدّ من هذا النوع من العمليات، كما أنه لا يمكن التصوّر بوقوع هذه العمليات على نحو مطرد، وأما داخل الضفة الغربية، فقد أفضت عمليتان فقط لسقوط قتلى صهاينة، واحدة قرب مستوطنة "آرائيل" نفذها شابان من قرية قراوة بني حسن، والأخرى كانت اشتباكًا مسلحًا في قرية برقين قرب جنين سقط فيها ضابط صهيوني. وعلى ذلك يلاحظ أن الخسائر الإسرائيلية المعلن عنها في حزيران/ يونيو اقتصرت على إصابات في اشتباك مسلح في "قبر يوسف" بنابلس، بمعنى أنها خسائر أوقعها الفلسطينيون في جنود الاحتلال في سياق دفاعي.

 

إحصاءات العمل النوعي

بالنظر إلى العمليات النوعية التي أعلن عنها الاحتلال في النصف الأول من العام 2022، فإنها كانت على النحو التالي:

  • 15 عملية طعن.
  • 2 عملية دعس.
  • 72 عملية إشعال نيران.
  • 74 عملية إطلاق نار.
  • 170 عبوة أنبوبية (كوع).
  • 817 زجاجة حارقة (مولوتوف).

وحين قراءة الرقم الكبير نسبيًّا في عدد الأكواع والزجاجات الحارقة، فإنه يمكن استنتاج الدور المؤثّر للأجيال الجديدة في الاشتباك مع الاحتلال، فهذه أدواتها التقليدية المتاحة، مما يعني إمكانية التأثير الأكبر بامتلاك الأدوات الأفضل، وفي الوقت نفسه، ينبغي أخذ هذا العدد في سياقين، الأول اقتحامات الاحتلال للمدن، إذ لا يملك الفلسطينيون فرصة الاشتباك اليومي مع قوات الاحتلال كما كان في الانتفاضة الأولى، والثاني محاولات الشبان جر جنود الاحتلال للاشتباك، سواء بإشعال الإطارات قبالة الشوارع الالتفافية وإلقاء الحجارة على جنود الاحتلال المارّين بها، أو بافتعال المواجهات قرب الحواجز على مداخل المدن. وعلى أية حال فإنه لا ينبغي إغفال أن عمليات إطلاق النار تشكل ما مجموعه 7٪ من أعمال المقاومة، كما أنّ إصابات جنود الاحتلال في شهر حزيران/ يونيو كانت بإطلاق نار في اشتباكات عند "قبر يوسف" في نابلس.

 

خلاصات

  1. يمكن الحديث عن ثبات نسبي في أعمال المقاومة طوال النصف الأول من العام 2022، بما يفوق ما كان عليه الحال في النصف الأول من العام 2021، باستثناء شهر أيار/ مايو من العام 2021، والذي كان شهر معركة "سيف القدس"، حيث بلغت فيه أعمال المقاومة في كل من الضفة الغربية والقدس 592 عملاً بحسب إحصاءات الاحتلال، لتعود في شهر حزران/ يونيو الذي يليه (أي في العام 2021) إلى 148 عملاً، ثم لتتراجع في تموز/ يوليو الذي يليه إلى 141 عملاً، ثم في آب/ أغسطس الذي يليه إلى 117 عملاً.

يعني ذلك أن العام 2022 بذاته شكّل حالة مقاومة طبيعية ثابتة تزيد على ما كانت عليه الحالة في العام 2022. وذلك من حيث عدد الأعمال. وأما من حيث قتلى الاحتلال فقد سقط قتلاهم في النصف الأول من العام 2021 كلهم في شهر أيار/ مايو في سياق معركة "سيف القدس" بواقع 15 قتيلاً، مما يعني أن هذا العام زاد في عدد القتلى، في سياق طبيعي من العمل المقاوم غير المرتبط بالحروب أو المعارك الكبرى.

  1. ذروة العام 2022 من حيث نتائج العمل النوعي كانت في آذار/ مارس بفضل سلسلة عمليات افتتحها فلسطينيون من الداخل المحتل، ومثلت حالة إلهام وَسَمَتْ ذلك الشهر بالعمل النوعي، واستمرت في شهري نيسان/ إبريل وأيار/ مايو، بالاستفادة من قدرة فلسطينيين من الضفة الغربية بالدخول إلى الداخل المحتل، في حين مثل نيسان/ إبريل قفزة في كمّ العمليات لتزامنه مع رمضان والأعياد اليهودية.
  2. يعني ذلك أن ثمة سياقات موضوعية تساهم في رفع العمل المقاوم نوعًا وكمًّا، بالإضافة لحالة الإلهام والتأثير والدفع لبعض العمليات، وهو ما يمكن أن يفهم منه حتمية تقلص العمليات المؤثرة في الداخل مع صعوبة التسلل إلى الداخل مع إغلاق "الفتحات".
  3. في حين يعطي الثبات النسبي في العمل المقاوم في النصف الأول من العام 2022 مؤشرًا على ثبات حالة المقاومة نفسها على نحو إيجابي، وفي حين يمكن ملاحظة الأثر الإيجابي لظاهرة المقامة المسلحة في شمالي الضفة الغربية (جنين بالدرجة الأولى ثم نابلس) في خلق حالة رفع معنوي وتغذية تعبوية وحشد دعائي للمقاومة، فإنه على مستوى الفعل المباشر، تلاحظ صعوبة الظروف الأمنية حيث لم تتمكن هذه الظاهرة من تنفيذ عمليات هجومية مؤثّرة، وإنما يقتصر تأثيرها المباشر على الاشتباكات في الوضع الدفاعي.
  4. تفيد الأرقام، وحالة الثبات النسبي أن الضفة الغربية اكتسبت حتى نهاية الشهر السادس حالة تعبوية أفضل من أيّ وقت سابق، يعود الفضل في ذلك إلى معركة "سيف القدس"، وسلسلة العمليات المؤثّرة سابقة الذكر، وحالة المقاومة في شمالي الضفة الغربية. لكن أعداد الشهداء وطبيعتهم (82 شهيدًا في النصف الأول من العام 2022 بحسب إحصاءات مركز القدس للدراسات، والعديد منهم ارتقوا اغتيالًا أو في سياق الاقتحامات)، تكشف عن آليات عمل الاحتلال، بالمعالجة الجراحية الجزئية التدريجية لتفكيك حالة المقاومة المسلحة في شماليّ الضفة دون التورط في فعل واسع من شأنه يوسع من الحالة نفسها، مما يحمل هذه الحالة مسؤولية الانتقال بأنماط عملها نحو طور جديد أقل انكشافًا وأكثر قابلية للاستمرار.

 

[1]. لا تعتمد المصادر الإسرائيلية بوصفها مصادر موثوقة، بل بوصفها مصادر الحدّ الأدنى في عدّ أعمال المقاومة، إذ الفارق كبير بين مجمل المصادر الفلسطينية والإسرائيلية، كما أن المصادر الفلسطينية تتباين معاييرها بشدّة في احتساب أعمال المقاومة وتحديد ماهيتها، بينما "الشاباك" يحتسب أعمالاً محددة قابلة للإحصاء على نحو ثابت، ولا يحتسب أعمال الرشق بالحجارة إلا إذا أوقعت إصابات في صفوف الاحتلال، ومن ثمّ فالمؤشر الإسرائيلي يتأتى من هذه الحيثية. أي من حيثية كونه الحدّ الأدنى.