قواعد الشيوخ.. مقاومة الإخوان المسلمين ضد المشروع الصهيوني 19

عوني فارس
25-04-2021
عرض كتاب

قواعد الشيوخ

مقاومة الإخوان المسلمين ضد المشروع الصهيوني 1968- 1970

عوني فارس

باحث في التاريخ

 

عنوان الكتاب: قواعد الشيوخ.. مقاومة الإخوان المسلمين ضد المشروع الصهيوني 1968- 1970

المؤلف: غسان دوعر

الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات- بيروت

تاريخ النشر: 2018

عدد الصفحات: 302

حمّل الملف BDF

اعتاد الإسلاميون الفلسطينيون في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي استحضار تجربة الإخوان المسلمين التاريخية في المقاومة المسلحة ضد المشروع الصهيوني أثناء نقاشهم الساخن مع نظرائهم في فصائل منظمة التحرير، في محاولة منهم للتأكيد على موقف الإخوان الجذري من المقاومة ومشروعيتها، وأن ظروفًا قاهرة حالت بينهم وبين استئنافها.

هذه التجربة بمحطاتها المختلفة لم تسلم من محاولات التشكيك والتجاهل من طرف التيار الوطني، وبقي جهد الإسلاميين في توثيق تفاصيل أحداثها دون المستوى، وانتظروا زمناً طويلًا لحين ظهور حواضن ثقافية وإعلامية ومراكز بحثية تعنى بالتوثيق لفعلهم المقاوم، وقد مثَّلت مجلة فلسطين المسلمة بين أعوام الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي أبرز هذه الحواضن، إذ أخذت على عاتقها رصد الحالة الكفاحية في فلسطين ودور حركة حماس فيها، وقد برز من كُتَّابها المهندس غسان محمد دوعر الذي صدر له في تسعينيات القرن الماضي عدة كتب منها: حرب الأيام السبعة.. أسود حماس (1993)، عماد عقل أسطورة الجهاد والمقاومة (1994)، موعد مع الشاباك.. دراسة في النشاط العسكري لحركة حماس وكتائب القسام خلال عام 1993 (1995)، المهندس الشهيد يحيى عياش رمز الجهاد وقائد المقاومة في فلسطين (1997)، المواجهة بين حماس والموساد (1998).

أمّا مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات فخصص جزءًا من نشاطه التوثيقي للمراحل السابقة على تأسيس حركة حماس، ونتج عن ذلك عدة إصدارات منها سِفْرٌ جديدٌ لغسان دوعر وثَّق فيه تجربة قواعد الشيوخ في الأغوار بين كانون الأول/ ديسمبر 1968 – أيلول/ سبتمبر1970 وهو ما سيدور كلامنا عنه في السطور اللاحقة.

صدر كتاب قواعد الشيوخ مقاومة الإخوان المسلمين ضد المشروع الصهيوني (1968- 1970)، لمؤلفه غسان محمد دوعر، عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت، وهو توثيق لتجربة الإخوان المسلمين في مقاومة الاحتلال على الساحة الأردنية تحت راية حركة فتح.

يقدَّم الكتاب شرحًا تفصيليًا لتجربة المقاومة الإخوانية للمشروع الصهيوني إبان مرحلة المقاومة الفلسطينية في الأردن من بدايتها حتى نهايتها، كما رواها صانعوها من قيادات الإخوان وفدائييهم، بما في ذلك مخاض تبلور الفكرة على مستوى عناصر الإخوان وكوادرهم، وانتقالها للمستوى القيادي، ثم تبنيها من المكتب التنفيذي للإخوان في البلاد العربية، وما تبع ذلك من حيثيات سواءً فيما يتعلق بالإجراءات الإدارية واللوجستية وتوفير المال والسلاح وإقامة القواعد والبدء في التدريب ثم القيام في بالعمليات الفدائية، بمشاركة إخوان من جنسيات مختلفة منها الأردن، سوريا، فلسطين، مصر ، الجزائر، أثيوبيا، السودان، لبنان.

حوى الكتاب مقدمةً وأربعة فصولٍ وملحقين للصور والوثائق. استعرضت المقدمة الخطوط العريضة للخطاب الإخواني حول فلسطين، واسترجعت المحطات التاريخية التي مر بها الموقف الإخواني من القضية الفلسطينية منذ ثلاثينيات القرن الماضي، حتى ستينياته، وأظهرت ثباته في دعم فلسطين وقضيتها رغم تغير الواقع السياسي بعد النكبة وتراجع مكانة الإخوان في الوطن العربي، ولخَّصت باقتضاب قصة قواعد الشيوخ، وأعطت لمحة عن محتويات الكتاب، وتناول الفصل الأول التداعيات المأساوية لنكبة عام 1948 على الإخوان المسلمين، ووصف ما حلَّ بهم من سكون وتراجع وانحسار للدور السياسي والشعبي على مستوى الوطن العربي ودخولهم مرحلة "الابتعاد عن مجريات الفعل والتأثير.. والترقب والانتظار" وما قابله من صعودٍ للمدّ القومي، وبروزٍ لفصائل المقاومة الفلسطينية وفي مقدمتها حركة فتح.

وركَّز الفصل  الثاني على تجربة قواعد الشيوخ، واحتوى تفاصيل مهمة عن المراحل التي مرت بها من بداية تبني الفكرة إلى عمليات الحشد واستقطاب المقاتلين وجمع السلاح وتوفير المال والتنسيق مع حركة فتح وإقامة القواعد، والبدء بتنفيذ العمليات ضد قواعد الاحتلال ومستوطنيه على طول المنطقة الممتدة من نهر اليرموك حتى "دير علا" في منطقة الأغوار الوسطى، وكشف عن أسماء المنخرطين في التجربة على المستويات المختلفة من صناعة القرار والطواقم الإدارية والدعم اللوجستي والتدريب والمسؤولين داخل القواعد والمنخرطين في ميدان المواجهة، وأبان عن موقف ودور إخوان الأردن، ولبنان، وسوريا، ومصر، والخليج، والعراق، واليمن، والسودان، وشرح تجربة ثلاثة معسكرات إخوانية تدريبية (جرش والأزرق والعالوك)، وأعطى نبذة عن ست قواعد فدائية إخوانية وهي: غزة، الخليل، بيت المقدس، بدر الكبرى، الأسلحة الثقيلة، الهام، وقدَّم معلوماتٍ واسعة عن ثماني عمليات نفّذها فدائيو الاخوان بالتعاون مع حركة فتح، تضمنت تاريخ حدوثها، والمشاركين فيها، وموقعها، والهدف منها، والأسلحة المستخدمة فيها، ونتائجها، وردود الفعل عليها، منها: عملية الشهيد عز الدين القسام، عملية الحزام الأخضر، علمية الأرض الطيبة، عملية دير ياسين وغيرها.

واسترجع الفصل الثالث قصة الصدام بين فصائل المقاومة والسلطات الأردنية، واستعرض أسبابها وذكر نتائجها وتداعياتها، وكشف كيف أن الإخوان تبنوا الحياد أثناء الأزمة، وقاموا بتفكيك قواعدهم فغادر الأردن الإخوان السوريون والمصريون والسودانيون وتم الإبقاء على وجود رمزي في ثلاث قواعد هي غزة وبيت المقدس والخليل، وقد اختار مقاتلو قاعدة بيت المقدس الانسحاب إلى سوريا، في حين تعرض مقاتلو قاعدة الخليل إلى الاعتقال المؤقت، لكن لم  يتعرض أي من مقاتلي الإخوان لسوء سوى فوزي أبو الخير الذي اعتقل من مخبز والده في مخيم غزة وأعدم.

وسرد الفصل الرابع سيرة أحد عشر شهيدًا من فدائيي الإخوان، وكشف عن بلدانهم، وخلفياتهم الاجتماعية والأكاديمية والتنظيمية، وقصة التحاقهم بقواعد الشيوخ، ودورهم فيها، وطريقة استشهادهم، وهم: إبراهيم عاشور (فلسطين)، صلاح الدين عودة (فلسطين)، رضوان كريشان (الأردن)، سليم المومني (الأردن)، محمود البرقاوي (الأردن)، صلاح خليل (مصر)، نصر العيسى (سوريا)، رضوان بلعة (سوريا)، مهدي الأدلبي (سوريا)، زهير سعدو (سوريا)، محمد سعيد باعبَّاد (اليمن).

في نقد موقف الحركة الإسلامية من فلسطين

امتاز الكتاب بِنَفَسٍ نقديٍ عالٍ تجلى في مناقشته لموقف الإخوان المسلمين من القضية الفلسطينية خصوصًا في الفترة الممتدة بين أعوام 1955-1968، في معاكسة واضحة للصورة النمطية التي روَّجها البعض حول الكُتَّاب من أصول إخوانية باعتبارهم جبناء لا ينتقدون تجربة تنظيمهم وطيِّعون لا يخرجون عن الرواية الرسمية لجماعتهم.

حيث خَلُص المؤلف، وهو ناشط إسلامي وصاحب تجربة ميدانية وكاتب مهتمٌ بتاريخ المقاومة الفلسطينية، إلى أنَّ الإخوان افتقدوا لاستراتيجية واضحة تجاه القضية الفلسطينية، ولم يحمل مشروعهم الإسلامي أي برنامج عملي خاصّ بها، ورغم تمسكهم بمبدأ مقاومة الاحتلال إلا أنهم "لم يستطيعوا تجسيد هذه المبادئ العامة في صورة استراتيجية جهادية ذاتية ينهضون بها عمليًا" (ص 22).

حمَّل المؤلف الجيل القيادي جزءًا من المسؤولية عن ذلك كونه لم يكن قادرًا على تحمل أعباء المقاومة، واقتصر نشاطه على بث أطروحات نظرية مع سعي لإيجاد تيار شعبي فكري وشعوري واسع يضغط على الحكومات من أجل تغيير موقفها من فلسطين، كما وجه نقده لإخوان الأُردن كونهم لم يستفيدوا من المناخات التي سادت بعد النكسة في استنهاض الجمهور في فلسطين للمقاومة تحت راية إسلامية، الأمر الذي أدى إلى نجاح حركة فتح في استقطاب عددٍ كبيرٍ من عناصرهم، وانتقد عدم انتقال فدائيي الإخوان إلى الساحة اللبنانية بعد أحداث أيلول عام 1970 الأمر الذي كان له تداعيات سلبية على الوجود الإسلامي داخل المخيمات في الأردن ولبنان.

تجربة قواعد الشيوخ.. سياقات التبلور ومسارات العمل

تفاعل الإخوان مع صعود فصائل المقاومة الفلسطينية في الأردن، وبدأوا بالتعاون مع حركة فتح خصوصًا بعد حرب حزيران عام 1967، فقدموا الدعم اللوجستي والمالي (إخوان الخليج) والتحشيد (إخوان العراق) والمشاركة في معسكرات التدريب (إخوان سوريا وإخوان الأردن)، لكنَّ الإقرار الرسمي من المكتب التنفيذي للإخوان المسلمين في البلاد العربية بالمشاركة في الفعل المقاوم تحت راية فتح تأخر إلى بداية عام 1969.

مرت تجربة قواعد الشيوخ بعدة مراحل، إذ بدأت بتشكيل لجنة للحوار بين الإخوان وفتح عقدت عدة لقاءات شارك فيها عن الإخوان سعد الدين الزميلي، قنديل شاكر شبير(الأردن)، محمد كمال القزاز، عبد العزيز علي محمد (مصر)، عبد الله العقيل (الكويت)، وعن فتح ياسر عرفات، محمد يوسف النجار، خالد الحسن، محمد غنيم، وقد توصلت إلى تفاهمات حول أسس انخراط الإخوان في المقاومة تحت راية فتح، وأفرزت لجنة للتنسيق بين الطرفين ضمت من الإخوان سعد الدين الزميلي وإسحق الفرحان وعبد خلف داودية ومن فتح محمد راتب غنيم ومحمد يوسف النجار.

رتَّب الإخوان عملية تأسيس القواعد، معتمدين على دعمٍ ماليٍ سخيٍ من إخوان الخليج، وإمدادات بالعناصر البشرية من إخوان سوريا ومصر والأردن وغيرها، وشكَّلوا لجنة للتنسيق الميداني ضمت عبد العزيز علي محمد وصلاح خليل وذيب أنيس، وأعطوا المسؤولية عن القواعد تخطيطًا وتدريبًا وتسليحًا لإسحاق الفرحان وأحمد محمد الخطيب (الأردن)، ومحمد كمال القزاز وعبد العزيز علي محمد وصلاح حسن خليل (مصر)، وعبد الله علي المطوع وعبد الله العقيل (الكويت)، وأسندوا مسؤولية التدريب في معسكر الأزرق  لصلاح حسن ومحمود حسن (مصر) وفي معسكر العالوك لعبد العزيز علي محمد (مصر)، وترأس أحمد أبو سعد قاعدة الرفيد، ومحمد طه دردس قاعدة بدر الكبرى، وعبد الله عزام قاعد بيت المقدس، ثمَّ بدأوا بتنفيذ العمليات ضد قوات الاحتلال والمستوطنين، وكانت آخر عملياتهم في آب/ أغسطس عام 1970، حيث توقفوا حين أيقنوا أن المواجهة بين فصائل المقاومة والنظام الأردني باتت وشيكة، وأن عليهم حل أنفسهم وعدم الانخراط فيها.

قواعد الشيوخ ومسار العلاقة بين الاخوان المسلمين وحركة فتح

شكَّلت تجربة قواعد الشيوخ تطورًا مهمًا في مسار العلاقة بين جماعة الإخوان وحركة فتح. أبقت فتح في مرحلة التأسيس علاقتها القوية بالإخوان، وحتى مرحلة قواعد الشيوخ كان كثيرون يعتقدون بأن فتح ذراعٌ من أذرع الإخوان، خصوصًا وأن جزءًا كبيرًا من قادتها وكوادرها خرجوا من رحم الإخوان، وظلت فتح حتى النصف الثاني من ستينيات القرن الماضي تستنزف الجسم الإخواني إلى أن قرَّر الاخوان وقف ذلك، فأصبح مطلوبًا من الإخواني أن يقرر إمَّا أن يبقى في الإخوان أو أن ينضم إلى فتح.

لم يكن موقف الإخوان من التعاون العسكري مع فتح على الساحة الأردنية واحدًا، إذ عارض ذلك جزءٌ من إخوان سوريا ولبنان والعراق، بعكس إخوان الأردن والكويت ومصر والسودان الذين كانوا أول من تبنى فكرة إقامة قواعد فدائية للإخوان في الأغوار.

في هذا السياق عرض المؤلف موقفين متعارضين من المسألة تبناهما تياران داخل تنظيم الإخوان الفلسطينيين، فقد تزعَّم القيادي الإخواني عبد الله أبو عزة الرأي المعارض، منطلقًا في محاججته من أنَّ رأيه لا يستند إلى موقفٍ معادٍ لمبدأ المقاومة، وإنما بناءً على اطلاعٍ دقيقٍ على محدودية إمكانيات الإخوان في البلاد العربية من حيث توفير المال والسلاح وحرية الحركة، فضلاً عن الواقع الإقليمي المعادي للإخوان، ووجود مؤشرات على قُرب حدوث مواجهة بين فصائل المقاومة الفلسطينية والنظام الأردني.

في المقابل مثَّل سليمان الحمد موقف المؤيدين، فقد دعا إلى عدم إضاعة فرصة الانخراط في المقاومة خصوصًا وأنَّها ستجلب الكثير من المنافع للإخوان سيما وأن التجربة ستعني إحياءً لفريضة الجهاد في نفوس عناصر الإخوان، كما أنَّهم سيستفيدون من ذلك في "التدرب على السلاح" بشكل علني وسيصبح لهم  شوكة وبالتالي لن يكونوا لقمة سائغة لأحد في المستقبل.

عمليًا كان التعاون بين فتح والإخوان على الساحة الأُردنية قائمًا قبل اتخاذ الإخوان قرارًا رسميًا بتأسيس قواعد الشيوخ، وإن اقتصر في البداية على تقديم الدعم المالي واللوجستي والإعلامي لفتح، خصوصًا من إخوان الكويت الذين ربطتهم علاقة قوية بأبي عمار، وقد أخذت مجموعات إخوانية بالتدرب في قواعد فتح بعيد حرب حزيران عام 1967، لكنَّها لم تتمكن من أنشاء قواعد مستقلة لها، وتأخر الإخوان في إضفاء الصفة الرسمية على عمل فدائييهم، حتى أعطى المكتب التنفيذي الموافقة؛ بعد عقد مفاوضات مع فتح أفضت إلى اتفاق تضمّن عدة بنود منها أن يكون تمويل قواعد الإخوان من الإخوان، وأن قواعد الإخوان يقودها إخوان، وتكون مناهج التربية فيها إخوانية، ويكون ضابط الاتصال بين الطرفين متدين، وتقوم فتح بتوفير المدربين والسلاح، ويتم الإعلان عن العمليات باسم فتح.

بدأ الإخوان بالانخراط في العمل المقاوم تحت مظلة فتح رسميًّا، وانتشر مقاتلوهم في المنطقة الممتدة بين نهر اليرموك ودير علا في منطقة الأغوار الوسطى، وتوسعت دائرة تدريب المقاتلين حتى تمكنوا من تدريب ما بين 300 - 400 إخواني، وشرعوا في تنفيذ العمليات ضد قوات الاحتلال ومستوطنيه بالتعاون مع عناصر فتح، واستمروا بها حتى قبيل اندلاع أحداث أيلول الدامية عام 1970.

ما تبقى من التجربة

شكَّل فدائيو قواعد الشيوخ، إضافة نوعية للعمل المقاوم تحت مظلة حركة فتح، سواءً على صعيد سلوكهم اليومي داخل المعسكرات ومع الأهالي وعناصر الجيش الأردني، أو في أدائهم العسكري أثناء المواجهة مع قوات الاحتلال، وقد نظرت قيادة فتح لتجربتهم باعتبارها تطورًا إيجابيًا في العلاقة مع الإخوان يخدم الحركة ومشروعها، في حين نظر الإخوان اليها على أنَّها مسارٌ تصحيحي للعلاقة خضع لضوابط تحقق رغبة الكادر الإخواني بالمشاركة في المقاومة مع الإبقاء عليه متمايزًا وتمنع انصهاره في فتح.

وصلت التجربة إلى نهاياتها بعد قرابة السنة والنصف من انطلاقها، ورغم خلاصات دوعر التي أكد فيها أنَّها كانت تجربة ناقصة وغير مكتملة وقصيرة زمنيًا، ولم تكن مستقلة، إلا أنَّه لا بدّ من الانتباه إلى أنَّها عملت على تثوير الحالة الإخوانية، وبثت الروح المعنوية في صفوف الجيل الشاب من إخوان فلسطين الذين سيكون لهم دور محوري في تأسيس حماس لاحقًا مثل د. عدنان مسودة  الذي زار قواعد الشيوخ أكثر من مرة والقيادي ناجي صبحة الذي ظلَّ محتفظًا بسلاحه من القواعد لحين اندلاع الانتفاضة الأولى وتأسيس حركة حماس، كما أنَّ التجربة ولدَّت صداقات، استثمرت في ثمانينيات القرن الماضي في تدعيم المقاومة الفلسطينية، كما في علاقة عبد الله عزام مع حمدي سلطان وأبو حسن قاسم.

انتهت قواعد الشيوخ بما لها وما عليها، ورحل عن دنيانا الفانية الكثير من المنخرطين فيها، وبقيت الحقيقة ساطعة تصدح بمآلاتها: أن الفدائيين في قواعد الشيوخ تمكنوا بدمهم وعرقهم من حجز مكانٍ لهم في المسيرة الطويلة لاستعادة فلسطين.