كوشنير سفير المشروع الصهيوني في المنطقة العربية

ياسر مناع
26-06-2018



[tps_header]

ياسر منّاع  - مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني

لم تتعب قدما جاريد كوشنير مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصهره ومبعوثه الخاص للسلام من التنقل بين دول الشرق الأوسط، وبالأخص مصر والأردن وقليلاً من دول الخليج حاملاً المشروع الصهيوني بحلته الجديدة تحت عنوان "صفقة القرن"، مخلفاً وراءه سيلاً من التساؤلات والتحليلات والتوقعات التي أشغلت السياسيين قبل العامة، والتي بدورها صرفت الأنظار عن الوقائع والمجريات التهويدية والإستيطانية على الأرض ولاسيما في الضفة الغربية.

وكان اللافت في الأمر الإجتماعات المتكررة مع المسؤولين الإسرائيليين وخاصة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذين لم يبدِ أي تحفظات أو إعتراضات على الصفقة؛ ببساطة لأن الخطة أو الصفقة ذات صياغة إسرائيلية بحتة، وبسبب الموقف الفلسطيني المعلن يرفض وبشكل قاطع تلك الصفقة -إن صح لنا تسميتها-، ووفقاً للمصادر الإسرائيلية فإن بيت القصيد في تلك اللقاءات تمثل في:

أولاً : عرض مضامين خطة السلام الأمريكية التي تضع حلاً واقعياً – حسب زعمهم - للقضايا المختلف عليها منذ عقود، المقدمة الى رؤساء الجارتين الأردن ومصر بالإضافة الى السعودية والإمارات، حيث يشكلون بدورهم ورقة ضغط على الرئيس الفلسطيني محمود عباس من أجل  الإعلان عن وقف مقاطعة مبعوثي الإدارة الأمريكية، العودة الى المفاوضات المباشرة مع إسرائيل دون إي حرج أو شروط مع القبول بالوضع القائم، وإن حدث ذلك فهذا يعني بأن ملف القدس قد حسم أمره لصالح "إسرائيل" ولم يعد له مكان على طاولة التفاوض.

ثانياً : الأوضاع في قطاع غزة وهو أمر ذات أهمية بالنسبة للجميع وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تسعى الى تقديم رؤيتها وتطبيقها على أرض الواقع بمباركة عربية ودولية، وإضفاء نوع من الشرعية الزائفة على التغييرات القادمة، في ظل هدوء يسود قطاع غزة وذلك عبر بوابة تقديم المساعدات الإنسانية والمشاريع الإقتصادية الرامية الى تحسين الحياة المعيشة في قطاع غزة، شريطة أن لا تكون عبر حركة حماس، - مع إعتقادي بوهم وهلامية تلك المشاريع -، حتى لا يتكرر مشهد يوم 14/5 الذي ايقظ العالم ولو لبرهة من الزمن.

أما وإن صح ما أورده الصحفي دانيال سيريوتي في صحيفة "اسرائيل اليوم" بأن هنالك موقف مشترك من جانب الدول العربية المعتدلة – كما أسماها – حول عدم معارض صفقة القرن، وان عارضها عباس، يعني أن القيادة الفلسطينية لن تكون ذات قيمة فيما يتعلق بمخرجات الصفقة، بلغة أخرى فإن الدول العربية على الرغم من عدم قناعة البعض بجزء من الطرح الأمريكي إلا أنها تعلن بشكل واضح وغير مسبوق عن عدم نيتها التدخل وحتى بإصدار بيانات إدانة فيما سيجري على الأرض، تاركة الفلسطينيين يواجهون السياسات الإسرائيلية التهويدية بمفردهم.

ومن اللافت إيضاً في هذه الزيارة إختيار كوشنير لصحيفة القدس الفلسطينية، ـــ الذي لم يأتِ من فراغ ـــــ من أجل مخاطبة الفلسطينيين بشكل مباشر وإقناعهم بجدوى هذه الصفقة




بأن كوشنير قد حصل على تطمينات عربية حول تجاه الموقف الفلسطيني المعلن حول المقاطعة السياسية للولايات المتحدة نحو التغيير، وفهم ذلك من بين ثنايا تصريحاته التي أعرب فيها عن إستعداده للقاء الرئيس عباس، وأن الأخير ملتزم وجاد بعملية السلام، وتزامن ذلك مع دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كلاً من عباس ونتنياهو لزيارة موسكو وحضور المباراة النهائية لكأس العالم.

ختاماً من غير المتوقع أن يطلب أحد من "إسرائيل" الانسحاب من مستوطنات الضفة الغربية أو غور الأردن أو أن تحل مشكلة اللاجئين، أو احداث تغيير على الوضع القائم في مدينة القدس والإصرار على سحب الإعتراف الأمريكي الأخير حول المدينة، اما بالنسبة للسلطة الفلسطينية فلن يتغير شيء سوى إستبدال مسمى السلطة الوطنية بالدولة الفلسطينية مع بعض الدعم المادي الممنوح من السعودية ودول الخليج - المكاسب الكبيرة حسب تعبير كوشنير- في حالة تمت موافقة القيادة الفلسطينية، هذا يعني بأن هذه الصفقة ميتة في مهدها بالسنبة لنا كفلسطينيين، وفاشلة منذ بدايتها ولن تسهم في حل القضية الفلسطينية عند من يعتقدون بفاعليتها، لذلك يتطلب على الفصائل والقوى الفلسطينية السعي بكل الطاقات والإمكانيات لتحقيق الوحدة الوطنية الحقيقية والمباشرة برفع العقوبات المفروضة على قطاع غزة كخطوة أولى في مواجهة المؤامرة الدولية لتصفية القضية الفلسطينية.






















[/tps_header]