كيف لنا كفلسطينيين الاستفادة من التجربة الاقتصادية الصهيونية؟

عماد أبو عواد
09-03-2020



عماد أبو عوّاد\ مدير مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني.

لا بد في البداية من التأكيد على أن طبيعة الجغرافيا الفلسطينية في ظل إعادة "إسرائيل" احتلال الضفة الغربية، واطباقها حصار مُشدد على غزة، يُشير بطبيعة الحال إلى قُدرة "إسرائيل" المطلقة في فرض ارادتها الاقتصادية على الفلسطينيين، حيث تتحكم بالمعابر، وتتحكم في دخول كل الواردات إلى مناطق السلطة الفلسطينية، علاوة على مرور الصادرات من خلالها.

وبالنظر إلى الاقتصاد الفلسطيني وناتجه القومي، فإنه يُشكل فقط ما نسبته 4% من الاقتصاد الإسرائيلي وفق معطيات بنك "إسرائيل"، أي أنه لا يُمكن للاقتصاد الفلسطيني مجاراة الاقتصاد الإسرائيلي نظرياً، لكن بالنظر إلى حجم التبادل التجاري بين فإننا نجد أن حجم الاستيراد الفلسطيني " الضفة وغزة" من "إسرائيل"، يبلغ قرابة العشرين مليار شيقل " 5.5 مليار دولار "، بنسبة 80-85% للضفة الغربية والباقي لغزة، فيما تبلغ قيمة الصادرات الفلسطينية إلى "إسرائيل" 3 مليار شيقل "780 مليون دولار"، علماً أن 81% من الصادرات الفلسطينية تذهب باتجاه السوق الإسرائيلي.

عملياً من خلال تحليل الأرقام فإن السوق الفلسطينية ثاني أكبر مستورد بعد الولايات المتحدة للبضائع الإسرائيلية، أي أن الحاجة الإسرائيلية للسوق الفلسطيني كبيرة، والساحة الفلسطينية مؤثر مهم في الاقتصاد الإسرائيلي واستيراد منتوجاته المختلفة، وهذا قد يكون بحد ذاته عامل ضغط ممكن لصناع القرار الاستفادة منه.

السؤال المطروح كيف يمكن للفلسطينيين الاستفادة من التجربة الصناعية الإسرائيلية، التي مرت بظروف صعبة في كثير من محطاتها:

أولاً: وجود رغبة حقيقية لتحقيق قفزات، فبالنظر إلى الواقع الفلسطيني هو أفضل حالاً حين قدم المستوطنون اليهود من الشتات لاحتلال الأراضي الفلسطينية، وبالتالي فإن وجود رغبة لتحقيق كيان فلسطيني قوّي ستكون الخطوة الأولى في سبيل تحقيق قفزات حقيقة صناعياً واقتصادياً.

ثانياً: العمل على بث الوعي لدى الجمهور الفلسطيني لتحقيق أمرين، الأول ماهية الحقوق الصناعية الاقتصادية للمواطن الفلسطيني، والآخر، زيادة مقاطعة نسبة البضائع الإسرائيلية، حيث وفق المعطيات فإن نسبة الاستيراد الفلسطيني من "إسرائيل" كانت 71% من مجموع الصادرات، لتنزل الى 58% في 2016 و2017، الأمر الذي مفاده أن بإمكان المنظمات الفلسطينية بالتعاون مع السلطة تقليل قيمة الصادرات من "إسرائيل"، والعمل على دفع عجلة الصناعة الوطنية.

ثالثاً: اعادة صياغة الاتفاقات الاقتصادية مع الجانب الإسرائيلي، لتكون منسجمة مع الواقع والحالة الفلسطينية، من أجل تشجيع الصناعات الفلسطينية.

رابعاً: الرقابة المشددة عل الواردات، والاستغناء عن الواردات الممكن تصنيعها محلياً ولو كانت أقل جودة، أمر دأبت عليه "إسرائيل" في خمسينات القرن الماضي وآتى ثماره بشكل واضح، لذى فإن الكثير من الواردات وتحديداً الغذائية وجزء كبير من الملبوسات والأحذية الجلدية التي تراجعت صناعتها في فلسطين، بالإمكان إعادة احياءها بمنع الكثير من الواردات من الوصول إلى السوق الفلسطيني لتحفيز المنتج الوطني، وايجاد فرص عمل للشباب الفلسطيني.

خامساً: توجيه الشباب للتعليم المهني، حيث لا زال هذا القطاع يعاني من عدم اقبال ونقص في مهنية الايدي العاملة، فصادرات الماس الإسرائيلي، والتي تبلغ 6-7 مليار دولار، اعتمدت على أمر واحد فقط، مهنيين ذي قدرة على انتاج المنتج.

سادساً: استقطاب العقول الفلسطينية وتوفير بيئة مناسبة لتحقيق انجازات صناعية، كما دأبت "إسرائيل" على استقدام المهنيين والمهندسين الروس في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، ودورهم الكبير في قفزات "إسرائيل" الصناعية.

سابعاً: تعزيز القدرة التنافسية، وفي هذا المجال يشير الخبير الاقتصادي نصر عطياني، يجب تعزيز قدرة القطاع التنافسية من ناحية، والعمل على دعم وتطوير المنتج الوطني في الاسواق المحلية والاقليمية والدولية من ناحية اخرى، وهذا يتطلب وضع وصياغة برامج وخطط عمل في الشارع الفلسطيني وخلق ولاء للمنتجات والسلع الوطنية من قبل المواطن الفلسطيني.

ثامناً: تشجيع الاستثمار الخارجي في السوق الفلسطيني، والحد من خروج الأموال من فلسطين، خطة انتهجتها الحكومة الإسرائيلية في بدايات انتاجاتها الصناعية، وتنتهجها العديد من الدول حالياً، ولهذا الأمر دور في تفعيل حركة رأس المال داخلياً وتوجيهها إلى النطاق الصناعي.