لماذا تعجز اسرائيل عن اخضاع الحركة الأسيرة الفلسطينية
لماذا تعجز إسرائيل في اخضاع الحركة الاسيرة الفلسطينية؟
عادت أخبار الأسرى الفلسطينين من جديد لصدارة الاحداث وذلك بعد اعلان الحركة الأسيرة البدأ في خوض اضراب عن الطعام يشارك فيها 1000 أسير كدفعة أولى بعد الهجوم الشرس الذي تعرضت له أقسام سجن النقب من قبل قوات مصلحة السجون، حيث تحتجز اسرائيل الالاف في عمق الصحراء وبعيداً بشكل كبير عن الضفة الغربية التي ينحدر منها معظمهم.
وقد بدأت الاحداث قبل ايام عند تم اقتحام القسم 26 للمرة الأولى دون التفاهمات التي تنظم العلاقة بين السجان والمعتقلين حيث توفر تلك الاتفاقيات غير المكتوبة حالة من الاستقرار تعطي هامشاً للأسرى يستطيعون من خلاله تحسين ظروفهم وخاصة التواصل مع ذويهم عبر الاجهزة المهربة ، وفي أعقاب ذلك الاقتحام استنفر الاسرى وقاموا بعدة خطوات احتجاجية عبر الادوات المعهودة بالاستنفار وغيرها . وقد استغلت ادارة السجن ذلك التوتر للدخول لقسمين آخرين بنفس الطريقة مما احدث حالة كبيرة استدعت الاعلان الفوري للاضراب رغم محاولات المسؤولين من ادرة مصلحة السجون ثنيهم عن ذلك. وقد هرع الشاباك والشاباص للتواصل مع قيادة الحركة حيت تم الاتفاق لاحقاً على اعادة الاوضاع إلى ما قبل الأحداث الأخيرة وفي ذلك فشل اخر في وضع قواعد جديدة لصالح الاحتلال في داخل المعتقلات، ويأتي تدخل الشاباك لأنه يعتبر القضايا اليومية للأسرى تحت اختصاصه منذ عام 2019 وذلك بسبب تاثير اوضاع الاسرى على الحالة الامنية في الخارج، وهذه ليست المرة التي تسوء فيها الأوضاع فقد تكرر هذا التوتر بشكل كبير ومركز خلال السنوات الماضية وتصاعد منحنى عدم الاستقرار بعد وصول المتطرف بن غفير لوزارة الأمن الداخلي المسؤولة بشكل مباشر عن الأسرى، وقد توعد خلال حملته الانتخابية بإعادة السجون للوراء ومنع تحولها لفنادق رغم الحالة المأساويةالتي يعيشها الاسرى الأمنيون بتنصيف اسرائيل لاسرى فلسطين قارنة احوال الاسرى بالمعتقلين المدنيين الاسرائيلين وما يحصلون عليه من حقوق.
ويبقى السؤال حاضرا: لماذا تكررت هذه المحاولات لاخضاع الاسرى؟ ولماذا فشلت سابقاً في ذلك ؟..
نشأت الحركة الاسيرة مبكرأ وذلك لادارة الحالة الاعتقالية والعمل على تحسين أوضاع الاسرى بما يساعدهم في تحمل كلفة السجن على اعتبار ارادة العقاب السبب الحقيقي لاعتقالهم, وقد مرت اوضاع السجون بمراحل كثيرة من الشد والجذب أدت في النهاية إلى تحسن أوضاع الاسرى وتحقيق بعض الانجازات أهمها انتزاع التمثيل الاعتقالي ،والاعتراف بسلطة التنظيمات في داخل الاقسام، بالاضافة لأمور حياتية كثيرة وجوهرية ساعدت في المجمل في زيادة قدرة المعتقلين على تحمل عقوبة السجن بسبب نضالهم المشروع ضد الاحتلال.
وتزامنت مرحلة الحصول على الحقوق وتحصيلها بظهور الرغبة المضادة الدائمة لادارة الاحتلال ، والتي تعمل على خفض توقعات الاسرى وطموحاتهم في التحسين الدائم لاوضاعهم، وقد استغل الاحتلال كل ثغرة ممكنة لاعادة عقارب الساعة للخلف، ونزع المكتسبات، وسجل نجاحات احيانا كثيرة وخاصة بعد فشل الحركة الأسيرة في بعض حراكاتها كما حدث في فشل اضراب 2004 والذي أعاد السجون لسنوات كثيرة للخلف ولم تبدأ اثاره بالزوال إلا بعد نجاح اضراب الكرامة 2012 وما تبعه من جولات من الاضرابات والفعالية والتي اعادت الثقة للحركة الاسيرة والتي تاثرت بالانقسام الفلسطيني وضعفت قيمتها أمام ادارة السجون.
وسعياً للأفضل أعادت الحركة الاسيرة تنظيم أنفسها عبر الهيئات القيادية العليا للفصائل، والتي باتت تمثل نقطة قوة مركزية للأسرى، وكبحاً لجماح ادارة مصلحة السجن والتي فقدت واحدها من سياساتها الشهيرة بالاستفراد بالسجون وبات الايذاء والتضييق على أي سجن يستدعي تدخلا وتضامنا من كل السجون وتوتراً كبيراً في السجون يحتاج معه الاحتلال لقوات كبيرة ليست دائماً في متناول اليد.
ومع تصاعد دور الهيئات القيادية للفصائل زاد تاثير الحركة الاسيرة على الخارج من حيث القدرة على تجييش التضامن وكذلك التأثيرعلى الساحة الفلسطيينة في الخارج في القضايا السياسية وحتى اليومية والتي بات رأي الأسرى يؤخذ تنظيميا ومجتمعياً وتقدم الحركة الاسيرة احيانا مبادرات لحل بعض الاشكاليات الواقعة/ ووصلت ذروة الامور لوثيقة الاسرى عام 2006 والتي تعد اهم ما تم التوافق عليه داخلياً بين الفصائل وهي مرجعية ما زالت صالحة للعودة اليها في محاولات رأب الصدع الداخلي.
ومع زيادة تأثير الحركة في القضايا اليومية زاد تأثر الخارج بأحداث السجون وفي ظل الاعلانات الصريحة للفصائل عن عدم قبولها للاستفراد بالاسرى واستعدااها لخوض مواجهة باتت الحركة الاسيرة تستند إلى ركن قوة, بل ان بعض التوترات الامنية ارجعتها أوساط الاحتلال لما يحدث في السجون ولا أدل على ذلك الهجوم الصاروخي على تل أبيب ليلة الاعتداء الكبير على أٍرى النقب في عام 2019 ورغم ارجاع المسؤولين للبرق كمسؤول ولكن المسؤولين الاسرائيلي اعتبروا ذلك رسالة لعدم الاستفراد.
وتبدو الأمنيات الاسرائيلية في اخضاع الاسرى بعيدة المنال في ظل تمسكهم الشديد بحقوقهم ومكتسباتهم والاستعداد الدائم لدفع الضريبة في سبيل ذلك، بالاضافة للتفاعل الكبير بين السجون والخارج وتحديداً فصائل المقاومة والشارع الفلسطيني الذي يعتبرالاسرى من قضايا الاجماع التي تتوجب النصرة الدائمة.