ما يجري في القدس.. أحداث وسيناريوهات

فضل عرابي
12-03-2022
تحميل المادة بصيغة PDF

تقارير

ما يجري في القدس.. أحداث وسيناريوهات

فضل عرابي

 

مقدمة

 

 

في سياق سياساتها الاستعمارية، بهدف فرض وقائع جديدة على الأرض، من خلال تغيير الواقع الجغرافي والديموغرافي للمدينة المقدسة، كثفت سلطات الاحتلال ومنذ مطلع هذا العام 2022 تنفيذ مخططاتها الاستيطانية والتهويدية في المدينة، واتصل بذلك العديد من الممارسات العدوانية مما يجعل القدس رافعة للمواجهة كما كان في سنوات 2014 و2015 و2017 و2019 و2021، ومما يرفع من احتمالات المواجهة في نيسان/ إبريل القادم حيث يتزامن شهر رمضان المبارك مع الأعياد اليهودية.

 

من هذه السياسات أوامر هدم المنازل الفلسطينية في أحياء متفرقة من القدس، والمصادقة على بناء آلاف الوحدات الاستيطانية والمراكز التجارية والسياحية، في سعيها لطرد المقدسيين وجعلهم أقلية لا تتجاوز نسبتهم الـ 12٪، وحسم معركتها نهائيًّا لجعلها مدينة ذات صبغة يهودية، وعاصمة موحدة لـ"إسرائيل".

وسوى ذلك من الإجراءات ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، كفرض الضرائب، والضغوط الاقتصادية، وإلغاء الإقامات، والاعتداءات المتواصلة على المسجد الأقصى المبارك، والإعدامات الميدانية، واعتقال الأطفال، وقرارات الإقامة الجبرية، والإبعاد، واستنزاف النشطاء بالاعتقال، ومساعي السيطرة على المجال العام في البلدة القديمة ومحيطها وفضائها الفلسطيني الطبيعي.

تهويد القدس.. سياسات الهدم والمحو

في حديث خاص لـ"مركز القدس للدراسات" قال الكاتب والمحلل السياسي راسم عبيدات: "هناك توغل وتوحش على المقدسيين، وهذا التوغل والتوحش ليس فقط في إطار تكثيف عملية الاستيطان في مدينة القدس، فهناك العديد من المشاريع التهويدية الاستراتيجية التي تهدف لتغيير الواقعين الديموغرافي والجغرافي في المدينة، بالإضافة لتغيير المشهد الكلي في إطار الصراع على السيادة والهوية، فهناك أكثر من 120 بيتًا ومنشأة مهددة بالهدم في جبل المكبر وحده، ومنذ بداية العام شهدنا هدم أكثر من 55 بيتًا ومنشأة في مدينة القدس، والعام الماضي تم هدم 178 بيتًا ومنشأة".

ويضيف: من المشاريع التهويدة الاستراتيجية: مشروع "وادي السيلكون" وهو ما سيؤدي لهدم أكثر من 200 ورشة صناعية وتجارية في وادي الجوز، بالإضافة لمشروع "مركز مدينة القدس الشرقية" الذي يستهدف محيط البلدة القديمة، في منطقة المصرارة، وشارع صلاح الدين، وشارع السلطان سليمان، وشارع عثمان بن عفان، وغيرها من الشوارع، ومشروع "الشارع الأميركي" الذي يستهدف بشكل أساسي قرى جنوب مدينة القدس (أم طوبا، وصور باهر، وجبل المكبر، وسلوان، والشيخ سعد).

ويواصل: هناك مشاريع أخرى كثيرة، تندرج تحت التطهير العرقي، مثلما يحدث في حي الشيح جراح بشقيه الشرقي (كرم الجاعوني) والغربي (جورة النقاع، وكبانية أم هارون) من خلال عمليات الطرد والتهجير، بهدف إقامة حي استيطاني ضخم يعزل قرى شمال القدس عن قلب المدينة، حيث يمتد هذا الحي الاستيطاني إلى أن يصل لوادي الجوز، ليرتبط بمشروع "وادي السيليكون" على أن يلتقي مع مشروع استيطاني آخر على شكل هرم براشوتي، يمتد من المتحف الفلسطيني باتجاه السيطرة على الحسبة والأراضي الموجودة في تلك المنطقة بالإضافة للاستيلاء على أراضي مقبرة اليوسفية، التي تم الاستيلاء على جزء منها، وهو ما سيشكل امتدادًا استيطانيًا يطوق البلدة القديمة، بالإضافة لمشروع تهويدي آخر، يعملون من خلاله على تحويل جزء كبير من أراضي منطقة الطور إلى حداق تلمودية وتوراتية.

بالإضافة لمشروع "التل فريك الطائر"، والذي الهدف منه السيطرة على الفضاء المقدسي، من خلال وجود قطار هوائي يتحرك من مكان سكة القطار القديمة في منطقة البقعة باتجاه الطور مارًا بأراضي سلوان، لنقل المستوطنين والسواح إلى حائط البراق وجبل الطور كل ساعة، بمعنى أن عمليات التهويد تجري فوق الأرض وتحت الأرض وفي الهواء في إطار السيطرة الكلية على مدينة القدس.

ويوضح عبيدات أن مشاريع الاستيطان والتهويد تسير جنبًا إلى جنب مع سياسة التطهير العرقي الذي يجري حاليًا في سبعة أحياء من أحياء القدس وهي: سلوان، وبطن الهوى، والبستان، ووادي الربابة، ووادي الحلوة، ووادي ياصول، وعين اللوزة.

ويضيف: الخطر لا يقتصر على سيطرة الاحتلال على ما هو فوق الأرض من خلال الاستيطان، ومجازر الحجر التي ترتكب بحق الحجر الفلسطيني، والاستيلاء على عقارات وممتلكات الفلسطينيين، وإنما بالسيطرة على ما هو تحت الأرض من خلال حفر الأنفاق التي تصل البؤر الاستيطانية من سلوان إلى داخل البلدة القديمة، وحول المسجد الأقصى وأسفله، وعين اللوزة، وكل هذا يندرج تحت عنوان تهويد البلدة القديمة ومحيطها، فيما يعرف بمشروع "الحوض المقدس". [1]

مخططات قديمة.. وتكتيكات نزع الفتيل

من جانبه، وفي حديث خاص لـ"مركز القدس للدراسات" قال الباحث في تاريخ القدس، روبين أبو شمسية: وضعت سلطات الاحتلال مخططاتها لتهويد القدس وتحويلها لمدينة يهودية منذ العام 1948، لذلك احتلت شرقي القدس عام 1967، وأعلن قرار القدس الموحدة عاصم لـ"إسرائيل" في عام 1970، ومن ثم صدرت عديد القرارات التهويدية، والتي بدأ تنفيذها منذ زمن بعيد.

ويضيف: أما الآن فيوجد شعور لدى "المطبخ المخابراتي الإسرائيلي" بأن هناك تحولاً في الرأي العام الخارجي نحو القضية الفلسطينية عامة، وقضية القدس خاصة، وخوفًا من أن تكون القرارات الناتجة عن الرأي العام العالمي مناقضة للتهويد، شرعت "إسرائيل" في تكثيف هجماتها التهويدية في القدس، بالإضافة إلى أنهم لاحظوا ارتفاع معدل الوعي لدى المقدسيين بمفهوم انتمائهم للمدينة، فأرادوا كسر هذا التطور من خلال تسريع عملية التهويد.

وفيما يخص تفعيل قانون "كمينيتس"[2] يقول أبو شمسية: "هذا القانون يفعّل، أو يخمد نشاطه حسب التوجه السياسي للحكومة التي تكون في صدارة الأحداث في المطبخ السياسي الإسرائيلي،  فهناك حكومات تهتم بالعمل في اتجاه واحد وهو زيادة الاستيطان دون الاهتمام بالقدر نفسه بهدم منازل الفلسطينيين، وبعض الحكومات تقوم بعمل توازن بين بناء المستوطنات وهدم منازل الفلسطينيين، وأكثر الحكومات التي وازنت بين هدم منازل الفلسطينيين وبناء المستوطنات هي حكومات حزب العمل".

أما عن ما نشرته صحيفة "هآريتس" عن قرار ما يسمى مفوض الشرطة الإسرائيلية كوبي شبتاي بوقف تنفيذ أوامر هدم المنازل في الداخل المحتل خلال شهر رمضان المقبل[3]، قال أبو شمسية: "سبب صدور هذا القرار هو أن أكثر الفترات التي شهدت هدم منازل في القدس هي الفترة الحالية منذ استلام قائد شرطة القدس الحالي لمنصبة، وهو ما عرضه لانتقادات من المخابرات الإسرائيلية بأنه يقوم بعملية استفزاز للمواطنين بتسريع عملية الهدم بحجة عدم الترخيص، فكان التوجه السياسي الإسرائيلي أن يتم استغلال شهر رمضان لتخفيف حدة التوتر الموجود في الجانب الفلسطيني، حيث أظهرت إحدى الدراسات للاستخبارات أن حدة التوتر سترتفع أذا استمر قائد شرطة الاحتلال في استفزاز المقدسيين واضطهادهم، وهو ما جعلهم يتخوفون من تصاعد التوتر في شهر رمضان واتخاذ هذا القرار السياسي. [4] و كانت المحكمة "العليا" الإسرائيلية قد قررت تجميد إخلاء 4 عائلات فلسطينية من منازلها في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية المحتلة بانتظار البت في ملكية الأرض المقامة عليها المنازل، وهو ما فسره مراقبون محاولة لنزع فتيل التوتر قبل رمضان المقبل[5]، خشية من اتساع المواجهة مع الفلسطينيين على غرار مع حصل في معركة "سيف القدس" العام الماضي 2021.

تصاعد عمليات المقاومة

شهدت الفترة الماضية تصاعد وتيرة المقاومة في القدس، فعلى طول أسبوع منذ الأربعاء 2 آذار/ مارس الجاري، شهدت القدس 4 عمليات طعن، أدت إلى 6 إصابات في صفوف جنود الاحتلال والمستوطنين، إلى جانب سلسلة من عمليات الرشق بالحجارة والزجاجات الحارقة. [6]

أحدث هذه العمليات، وقع مساء الاثنين 7 آذار/ مارس الجاري، عندما نجح عبد الرحمن علي (22 عامًا) في طعن اثنين من أفراد شرطة الاحتلال في سوق القطانين بالبلدة القديمة، قبل أن يستشهد نتيجة إطلاق جنود الاحتلال النار عليه. [7]

وفجر الأحد 6 آذار/ مارس الجاري استشهد كريم جمال القواسمي (19 عامًا) من بلدة الطور بمدينة القدس المحتلة، بعد تنفيذه عملية طعن أدت لإصابة شرطيين إسرائيليين عند باب "حطة"، أحد أبواب المسجد الأقصى المبارك. [8]

ومساء اليوم نفسه (الأحد) أعدم الاحتلال الطفل فادي جفال (16 عامًا) بإطلاق النار المباشر تجاهه في بلدة أبو ديس بالقدس المحتلة، بزعم إلقاء زجاجات حارقة تجاه قوات الاحتلال. [9]

والأربعاء والخميس (2 و3 آذار/ مارس الجاري) شهدت بلدة حزما في القدس تنفيذ عمليتي طعن أدتا لإصابة مستوطن وأحد جنود الاحتلال، وتمكّن المنفذ من الانسحاب، ومساء الخميس 3 آذار/ مارس زعم الاحتلال اعتقال شاب من مخيم شعفاط اتهمه بالمسؤولية عن عمليتي الطعن. [10]

سيناريو تصعيد أمني

على وقع هذه التطورات كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية، عن استعدادات داخل منظومة الاحتلال الأمنية سعيًا لمواجهة عدة تحديات قادمة مع حلول شهر رمضان والذكرى السنوية الأولى لمعركة "سيف القدس" (مايو) وما رافقها من مواجهات في بلدات الداخل.

وقالت الصحيفة: إن شرطة الاحتلال ترى في الأشهر الثلاثة المقبلة تحديًا، وصُنفت أشهرًا ذات فرصة لتفجير الأوضاع خاصة في صفوف فلسطينيي الداخل والقدس.

وبينت الصحيفة أن تزاحم الأحداث خلال الأشهر المقبلة ولاسيما مع حلول شهر رمضان وتزامنه مع الأعياد اليهودية جعلت من المدة القادمة تحديًا كبيرًا للأمن "الإسرائيلي".

وتعتقد شرطة الاحتلال أن "الأمور تتجه إلى موجة جديدة من العمليات في القدس" بعد عمليات الطعن الأخيرة التي جرت داخل البلدة القديمة.  [11]

عمليات المقاومة.. تصاعد مستمر

يرى الباحث في مؤسسة "يبوس" للاستشارات والدراسات الاستراتيجية، سليمان بشارات أن أسباب تصاعد عمليات المقاومة في القدس هي:

1ـ مضي سلطات الاحتلال في تعزيز مفهوم الهوية اليهودية لمدينة القدس المحتلة، استكمالًا لإعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب أن القدس عاصمة موحدة لدولة الاحتلال.

2ـ تكثيف الجهود الإسرائيلية في محاولة تسريع تحقيق الأهداف التهودية في ظل حالة استقرار في المنطقة العربية والإقليمية تميل كفتها إلى جانب "إسرائيل" سواء من خلال اتفاقيات التطبيع التي وقعت، أو الانشغال الدولي في الكثير من القضايا ذات الأولية،

وحول التوقع بأن يكون هناك تصعيد للمقاومة في شهر رمضان المقبل، يقول بشارات، في حديث خاص لـ"مركز القدس للدراسات": الأمر مرتبط بعدة محددات؛ الأول أن شهر رمضان يمثل حالة من التعبئة الدينية التي تمتزج مع المشاعر والحالة الوطنية، وهذا بالتالي قد يكون محفزًا لدى الأجيال الشابة في تنفيذ عمليات فردية.

 إلا أن المحدد الثاني وهو الأهم مرتبط بمدى طبيعة استمرار الاجراءات الإسرائيلية على الأرض سواء في التضييق على الراغبين بالوصول للقدس والصلاة في المسجد الأقصى، أو في ظل حالة الاستهداف للمواطنين بالضفة الغربية وعمليات الهدم المتواصلة بين الفترة والأخرى وعربدة الجماعات الاستيطانية.

 لأن من شأن هذه الاجراءات أن تزيد من إشعال فكرة التصدي أو المواجهة، مع العلم أن حالة الضغط الداخلي فلسطينيًا لغياب الرؤية السياسية والجمود الذي تمر به، أو نتاج تردي الوضع الاقتصادي، قد تكون هي الأخرى حافزًا أمام تنفيس الغضب الشبابي تجاه استهداف جنود الاحتلال.

وعن ما نشرته صحيفة "هآرتس" عن استعدادات داخل منظومة الاحتلال الأمنية سعيًا لمواجهة عدة تحديات قادمة مع حلول شهر رمضان، قال بشارات: "إسرائيل تدرك أن حالة الاستقرار والهدوء الحالية قد لا تطول كثيرًا، فطبيعة التقلبات السياسية سريعة الحدوث، وكذلك فقدان الشعب الفلسطيني لأي بارقة أمل وانغلاق الأفق السياسي قد تعزز حالة مواجهة قد تكون مقبلة إذا ما استمرت حالة الانغلاق، وبالتالي فإن إسرائيل تستعد بشكل متكامل لأي لحظة انفجار، وانا أعتقد أن الثابت الوحيد في ظل الحالة الفلسطينية هو المتغير السريع، بمعنى أن حالة التغير قد تكون سريعة وهذا ما تعلمناه من كافة المحطات السابقة التي عايشتها القضية الفلسطينية. وهذا الأمر إسرائيل ذاتها تدركه أيضًا. لهذا السبب هي دائمًا تتحضر وتتجهز لأي تطورات قد تكون مفاجأة".[12]

انفجار كبير ومختلف

بدوره، وفي حديث خاص لـ"مركز القدس للدراسات" رأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت، سعد نمر: أن عمليات الطعن الأخيرة هي رد فعل طبيعي على تواصل اعتداءات حكومة الاحتلال والمستوطنين على الفلسطينيين خاصة في مدينة القدس.

ويعتقد نمر أن الفترة القادمة ستشهد تزايدًا في عمليات المقاومة بأشكالها المختلفة، في ظل الانفلات الواضح للمستوطنين وحكومة الاحتلال، التي تريد استغلال عدم اهتمام الإدارة الأمريكية بالقضية الفلسطينية في الوقت الحالي، وانشغالها بقضايا أخرى أهم بالنسبة لها، وهو ما أشعر حكومة بنت والمستوطنين بأنهم أمام فرصة ممتازة لاستكمال ما بدأوه في فترة إدارة دونالد ترامب، من تكثيف للاستيطان، والسيطرة أكثر على الأراضي الفلسطينية، بالإضافة للتضييق على الفلسطينيين من خلال الضغط عليهم بمصادر رزقهم من خلال منع الرعي ومصادرة المواشي، وغيرها من الممارسات القمعية. كل هذه الأمور ستؤدي لحدوث رد فعل فلسطيني.

ويضيف نمر: سنشهد خلال الفترة المقبلة انفجارًا كبيرًا ومختلفًا عن الهبات التي شهدناها سابقًا، فهناك مجموعة من التراكمات الكبيرة جدًا التي حدثت في السنوات الأخيرة، ولم يعد بمقدرة الناس تحمّل اعتداءات سلطات الاحتلال والمستوطنين، "لا سيما في ظل وجود السلطة الوطنية الفلسطينية، التي لا تقوم بأي عمل سوى الدعوة للمواجهات الشعبية، والذهاب باتجاه العمل الدبلوماسي واللجوء للمجتمع الدولي، الذي لا يلقي بالًا بالمطلق لقضيتنا الفلسطينية، لا سيما في ظل الأحداث الجارية الآن في أوكرانيا، بالإضافة لوجود حالة من اليأس عند الفلسطيني، لعدم وجود موقف واضح حاسم وحازم من قبل السلطة، وكأن الناس تركت لمصيرها، فيوميًا مع الأحداث التي تجري نسمع أقوالًا من قبيل: على الشعب أن يقوم، فماذا أنتم فاعلون؟ لا يوجد أي خطط أو برامج من قبل السلطة وفصائل منظمة التحرير لاتخاد أي إجراءات حقيقية على الأرض، تشعر شعبنا بنوع من الوقوف بجانبهم".

ويرى نمر: أن معظم المؤشرات تشير لتزايد وتنامي استعمال السلاح في الضفة الغربية في أكثر من منطقة، وبالتالي سيكون هناك المزيد من عمليات المقاومة المسلحة ضد المستوطنين وجنود الاحتلال، أما تدخل المقاومة في غزة فهو يعتمد على درجة الغليان في القدس تحديدًا وفي المسجد الأقصى، فإذا استمر الاحتلال بنفس النهج التهويدي، ومع نية المستوطنين اقتحام المسجد الأقصى واستفزاز المصلين الفلسطينيين، فقد تتصاعد في المقابل حالة المقاومة، وإذا كان هناك تصعيد له علاقة مباشرة بالأقصى يمكن أن يكون هناك تدخل من قبل المقاومة في غزة. [13]

المقاومة الخط الطبيعي للشعب

أما المحلل السياسي، حسام الدجني، وفي حديث خاص لـ"مركز القدس للدراسات" فيقول: "إسرائيل تزرع الشوك في القدس، وتمارس أبشع جرائم الاحتلال والاستيطان والأبارتهايد لتغيير واقع المدينة الجغرافي والديمغرافي، وبالتالي تحصد ثمار ما زرعت، ونتاج الاحتلال واستراتيجية الاحلال التي تقوم بها إسرائيل في كافة أنحاء المدينة المقدسة هو أن يكون هناك لحظة انفجار، والعمليات الأخيرة هي تجسيد للحظة الانفجار، فهذه العمليات حتى ولو كانت ذات طابع فردي، إلا أنها تدلل على أن الشعب الفلسطيني لا يمكن أن يقبل بالهوان وتنفيذ سياسة الأمر الواقع، من خلال فرض وقائع جغرافية وديموغرافية جديدة في المدينة المقدسة".

 

وعن احتمال تدخل المقاومة في غزة في حال تصاعد المواجهة مع قوات الاحتلال في القدس قال الدجني: المؤشر على دخول المقاومة في غزة في مواجهة مع الاحتلال يزداد يومًا بعد يوم، فغزة تعاني كما تعاني القدس والضفة، ولا يوجد ما يمنع أن تدخل غزة على خط المواجهة، ولكن الأكثر ترجيحًا هو أن تشتعل كافة المناطق الفلسطينية "فمن الواضح أن إسرائيل تستغل اشتعال جبهة غزة من أجل إخماد جبهة القدس أو الضفة الغربية أو أراضي الـ48، ولذلك تحاول أن تجر غزة للاشتعال، ولكن حينما تدرك المقاومة أن شرارة الانتفاضة ستزداد في كل المناطق الفلسطينية لن تتأخر عن الدخول في مواجهة مع الاحتلال، ولكن على قاعدة أن ترتفع جذوة الصراع والاشتعال وتستمر في كل المناطق، وليس أن تشتعل في غزة وتنطفئ في باقي المناطق، وتنفرد إسرائيل بغزة".

 

وختم: أنه وفي ظل ما تقوم به سلطات الاحتلال من فرض للضرائب في القدس، وسلب للأراضي، وبناء المستوطنات وجدار الفصل العنصري، ونشر الحواجز في الضفة، وحصار غزة، فهذا كله يدفع نحو حدوث انتفاضة شعبية.[14]

 

خاتمة

 

منذ مطلع العام الجاري سرعت سلطات الاحتلال من تنفيذ خططها الاستيطانية والتهويدية في القدس، وتزايدت هذه الهجمة الشرسة في ظل انشغال العالم بما يحدث بين روسيا وأكرانيا، في محاولة منها لحسم أمر القدس من الناحيتين الجغرافية والديموغرافية، وتغيير هوية المدينة من عربية إسلامية إلى يهودية، باعتبارها عاصمة موحدة لدولة الاحتلال.

 

وفي الأثناء، تصاعدت أعمال المقاومة الشعبية سواء من خلال تنفيذ عمليات الطعن، أو إلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة واطلاق النار على جنود الاحتلال، وخلال الفترة من يوم الأربعاء 2 آذار\ مارس ولغاية يوم الاثنين 7 آذار\ مارس شهدت القدس تنفيذ 4 عمليات طعن أدت لإصابة 6 من المستوطنين وجنود الاحتلال.

 

ويأتي ذلك، وسط توقعات إسرائيلية بتصاعد حدة التوتر في شهر رمضان المبارك، ما دفع سلطات الاحتلال لتكثيف استعداداته الأمنية لمواجهة أي تحديات أمنية قادمة، وخاصة في شهر رمضان المبارك، بالإضافة لإجراءات أخرى تهدف إلى تجميد دواعي التوتر.

 

فيما يرى العديد من المراقبين على أن الساحة باتت مهيأة لحدوث انفجار شعبي كبير ومختلف عن الهبات الشعبية السابقة التي شهدناها منذ العام 2015، في ظل استمرار اعتداءات الاحتلال على كل ما هو فلسطيني من بشر وشجر وحجر، ومع انعدام أي أفق سياسي، وتعقيدات الوضع الاقتصادي.

 

[1]  - أجرى الباحث المقابلة في 9-3-2022

[2]  - ما يسمى قانون "كمينبتس"  هو التعديل رقم 116 لقانون التنظيم والبناء، لمصادق عليه من قبل "الكنيست" أواخر عام 2017، قيد عمل القضاة في إعطاء تمديدات لأصحاب المنازل المهددة بالهدم، وأصبح كل مواطن تعرض للمخالفة من قبل محكمة الشؤون البلدية في القدس، يجب عليه استصدار رخصة خلال سنتين، وإذا لم يستصدرها تتولى البلدية هدم منزله، كما تفرض عليه غرامات مالية كبيرة.

[3] - https://cutt.us/g9UdN

[4] - أجرى الباحث المقابلة في 9-3-2022

[5]- https://cutt.us/Vn31d

[6] - https://cutt.us/qedbr

[7] - https://cutt.us/z99eh

[8] - https://cutt.us/qedbr

[9]  - https://cutt.us/qedbr

[10]  - https://cutt.us/qedbr

[11] - https://cutt.us/sK1t9

[12]  - أجرى الباحث المقابلة في 9-3-2022

[13]  - أجرى الباحث المقابلة في 9-3-2022

[14]  - أجرى الباحث المقابلة في 9-3-2022