مسيرات الداخل.. حين تحضر القضية الفلسطينية رغم المحاولات الاسرائيلية لنفيها

ياسر مناع
23-05-2018
كتب: ياسر مناع

جابت مسيرات التنديد ارجاء العالم عقب جرائم الاحتلال الأخيرة في قطاع غزة، والتي بدورها وضعت "إسرائيل " في مأزق سياسي دولي أفسدت فرحتها بنقل السفارة الأمريكية الى القدس، ولم تكن المناطق العربية في الأراضي المحتلة عام 1948 بمنأى عن تلك المسيرات، ولم يقل آثارها عن غيرها بصرف النظر عن حجم المشاركة والتفاعل معها.

ويمكن إستقراء مدى اهمية تلك المسيرات من خلال ردة الفعل الإسرائيلية والطريقة الهمجية التي اتبعتها شرطة الاحتلال في التعامل معها، والتي لم تقتصرعلى مصادرة الأعلام الفلسطينية والإعتداء على المشاركين بالضرب المبرح، وإعتقال عدد من المشاركين واللذين تجاوز عددهم التسعة عشر معتقلاً، بل رافقه ايضاً تصعيد خطابي من قبل القيادة السياسية وخصوصاً وزيري الجيش والأمن الداخلي وبعضاً من نواب اليمين في الكنيست ضد النواب العرب، والمطالبة بإعتقالهم وتقديمهم للمحاكمة على خلفية مشاركتهم في المسيرات.

تنظر "إسرائيل" بقلق بالغ إلى الوجود الفلسطيني في الأرضي المحتلة، وتعتبرهم خطراً ديمغرافياً مستقبلياً حيث تعترف بأنها ارتكبت خطأً حين سمحت لهم في البقاء ابان إحتلال فلسطين قبل سبعين عاماً، لذلك فهي تتعامل معهم على أنهم أقلية لا أصحاب أرض وأصحاب حق تاريخي، ويرى 56% من اليهود بأن العرب يشكلون خطراً أمنياً على "إسرائيل" بحسب نتائج استطلاع للرأي أجراه المعهد الإسرائيلي "جيوكراتوغرافيا"، في ضوء ذلك لابد من تسليط الضوء على أهمية تلك المسيرات وإنعكاساتها على المجتمع العربي في الداخل المحتل:

اولاً : أظهرت المسيرات الهوية الحقيقية والوطنية لسكان الأراضي المحتلة، وبأنهم جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني وأن القضية الفلسطينية لا زالت قضيتهم رغم كل المحاولات التى تهدف الى إسقاطها من أجندتهم، مضافاً إليه توثيق اللحمة والترابط بين ابناء الشعب الفلسطيني في كآفة أماكن تواجده.

ثانياً : إخفاق المساعي الصهيونية المتعاقبة الرامية الى إضعاف وتفتيت النسيج المجتمعي العربي، وفشل عملية "الأسرلة" والدمج في المجتمع الإسرائيلي، والجدير بالذكر بأن جميع تلك المحاولات هي شكلية ويلاحظ ذلك في سياسية العنصرية والتمييز التي يتعرضون لها في شتى مجالات الحياة.

ثالثاً : تعكس ردة الفعل الإسرائيلية والطريقة التي تعاملت بها الشرطة الإسرائيلية مع المسيرات مدى العقلية المتطرفة المسيطرة على سدة الحُكم في "إسرائيل"، وأن سياسية التحريض العنصري التي يمارسها اليمين جنباً الى جنب مع الحكومة لا زالت مستمرة وآخذة في التصاعد ضد الفلسطينين.

رابعاً : تعتبر"إسرائيل" بإن إنطلاق مسيرات بهذا الشكل في الداخل المحتل نجاحاً جديدأ تسجله مسيرات العودة الكبرى والتي فشلت بوأدها في مهدها منذ البداية، وأنها إستطاعت تنبيه العالم الى الخطر المحيط بالقضية الفلسطينية.

خامساً :  من المتوقع أن يشهد العرب هجمة إسرائيلية جديدة ستتصاعد ضدهم في الفترة القادمة، وتحركات سياسية يمينة داخل الكنسيت في محاولة لسن مجموعة من القوانين التي تحد من حرية الأحزاب العربية والتظاهرات.

سادساً : تعمل الفعاليات الفلسطينية على تعميق الخلاف بين الأحزاب والقيادات الإسرائيلية، ولن يلاحظ  ذلك على المدى القريب ،ففي الإيام القليلة الماضية بدأت تتعالى اصوات اليسار الإسرائيلي المندد بتصريحات وزير الدفاع ليبرمان واصفاً إياها بالخطر المحدق على الديمقراطية في " إسرائيل " وذلك خشية من إنفجار فلسطيني مستقبلي.

ختاماً لابد من توظيف الإنجازات الفلسطينية من أجل إيجاد واقع عربي جديد في ظل محاولات الإسرائيلية لتصفية القضية الفلسطينية ، حيث أعطت تلك المسيرات أملاً في نجاح أي حراك داخلي ولكن في المقام الأول يتوجب على الأحزاب العربية تعزيز التعاون والعلاقات فيما بينها وتوحيد الجهود في مواجهة العنصرية الإسرائيلة جنباً الى جنب مع تسلط وسائل الإعلام الضوء على معاناتهم، والتي بدورها تكشف سياسة التمييز العرقي المتبعة ضدهم مضافاً إليه السعي الجاد من في تطوير العلاقة بين سكان الضفة الغربية وقطاع غزة مع فلسطينيي 48 وبلدان اللجوء والشتات.