مصادرة أموال الضرائب الفلسطينية.. السياسة القديمة- الجديدة

ياسر مناع
05-06-2018
كتب: ياسر مناع  – مركز القدس

لم تعد التهديدات الإسرائيلية المتكررة محل حديث أو نقاش في الشارع الفلسطيني سوى تلك التي تتعلق بأموال عائدات الضرائب، لما لها من إرتباط وثيق بمعيشة المواطن الفلسطيني وحياته من الناحية الإقتصادية، وللاسف هذا ما غفل عنه المفاوض الفلسطيني.


تشكل أموال عائدات الضرائب أو " أموال المقاصة " كما تسمى عند أهل الإقتصاد، ركناً أساسياً من أركان النظام الإقتصادي الحالي، والتي هي عبارة عن نتاج التبادلات التجارية مع " إسرائيل "، وتشكل ما يقرب من ثلاث ارباع الايرادات المالية للسلطة الفلسطينية، والتي تقوم من خلالها بدفع رواتب الموظفين في القطاع العام، وبحسب بعض التقارير الإقتصادية بلغت قيمة تلك الأموال في حلول نهاية عام 2017 اكثر من 8 مليارات شيكل (2.3 مليار دولار).

تضمنت اتفاقية باريس الموقعة عام 1994 - الجزء الإقتصادي من إتفاقية اوسلو المرحلي والمُنظم للعلاقات التجارية بين " إسرائيل " والسلطة الفلسطينية اوسلو – بين بنودها نصاً واضحاً وصريحاً يتعلق بأموال المقاصة، ووفق بروتوكول الإتفاقية تلتزم "إسرائيل" بتحويل الأموال بصورة شهرية مع إقتطاع ما نسبته 3% من إجمالي الإيرادات، وذلك مقابل خدمة جباية الضرائب والجمارك عن السلع من طرف وزارة المالية الإسرائيلية.

لم تقتصر القرصنة الاسرائيلية عند إقتطاع تلك النسبة فحسب بل قامت أكثر من مرة بإبتزاز السلطة الوطنية لمواقف سياسية والتطورات الميدانية لتحقيق بعضٍ من أهدافها، فعقب فوز حركة حماس في الإنتخابات التشريعة رفضت " إسرائيل " تحويل اموال المقاصة لوزارة المالية الفلسطينية، حيث أدخلت الشارع الفلسطيني في ازمة مالية خانقة وحالة إقتصادية متردية، إستمرت لعدة أشهر، وتكرر الأمر في عام 2015 حين احتجزت الأموال مدة 4 شهور متتالية، ما دفع الحكومة لصرف أنصاف رواتب للموظفين العموميين، مضافاً إليه تكرار عمليات اقتطاع الحكومة الإسرائيلة قيمة الديون المترتّبة على شركات الكهرباء الفلسطينية في كلّ مرّة تعجز فيها الأولى عن سداد للشركات الكهرباء الإسرائيلية من تلك الأموال.

تحاول " إسرائيل " اليوم شرعنة سرقة تلك الأموال من خلال محاولاتها إصدار بعض القوانين الخاصة تهدف الى إقتطاع مبالغ تقدر قيمتها بـ " مليار شيكل " تحت ذريعة دفع السلطة الفلسطينة تلك المبالغ لعوائل الأسرى والشهداء، وهذا محفزٌ وداعمٌ للإرهاب على حد وصفها، ثم أعلن رئيس حكومة الاحتلال قبل أيام أنهم سيقتطعون تكلفة الاضرار المادية التي لحقت بمستوطنات غلاف غزة بسبب الطائرات الورقية الحارقة، من تلك المقاصة، ومن الأهمية القول بأن " إسرائيل " لن تجرأ على مصادرة تلك الأموال أو قطعها بشكل تام لقناعتها التامة بأن الحياة الإقتصادية مرتبطة بالوضع الأمني الميداني حيث ترى أن سوء الحالية الإقتصادية تولد وضعاً أمنياً متوتراً قد يخرج عن سيطرتها.

ختاماً، لن تتوقف المحاولات الإسرائيلية في سرقة الحقوق الفلسطينية ، وتزيد عملية القرصنة لعائدات الضرائب من زيادة العجز في ميزانية السلطة، و بالتالي تؤثر سلباً على الحركة الاقتصادية بشكل عام، و على المواطن بشكل خاص، لذلك من الضروري العمل على إلغاء اتفاقيات التبعية الاقتصادية، و دعم وتعزيز شبكة أمان مالية عربية كمقوم من مقومات الصمود الفلسطيني على أرضه.