معادلة الدم وفتيل الانفجار في غزة

علاء الريماوي
27-05-2018
كتب: علاء الريماوي - مركز القدس

منذ 3 سنوات، حرص الاحتلال على فرض معادلة الاستباحة بالقصف لقطاع غزة، ردا على ما يدعيه الاحتلال تنفيذ هجمات للمقاومة، أو زرع عبوات على الحدود.

التدرج في الوصول الى فرض معادلة الاستباحة (سورنة غزة) جاء ضمن مخطط فيه جس النبض وقياس ردود الفعل، تطور متسارع في استهداف مواقع حيوية للمقاومة الفلسطينية، كانفاق، أماكن تخزين صواريخ، ومواقع أخرى بالإضافة إلى تثبيت نقاط تراكمية متدافعة، نجح الاحتلال الى الوصل الى إمكانية وقوع شهداء عند مهاجمته غزة.

هذا الأمر وقفت أمامه المقاومة بحسابات دقيقة، اعتمدت فيها سياسة امتصاص الضربة حرصا على عدم جر القطاع إلى مواجهة مفتوحة، خاصة مع الظروف المتعلقة بالاقليم، و الحصار المطبق على القطاع بشكل وصل إلى حدود خطيرة، مست المجتمع وأثرت على حاجاته الأساسية.

النقاشات الدائرة في قطاع غزة في المرحلة الماضية وعلى جانب الحدود من قبل الاحتلال أخذت وجوها مختلفة، نقسم النقاش حولها بين تفكير المقاومة والاحتلال: على صعيد المقاومة:

أولا: تأجيل الرد سيزيد من شهية الاحتلال في توسيع الاهداف وتطورها خاصة بعد تنفيذ عمليات اغتيال وقصف في عمق غزة.

ثانيا: الرد قد يصل إلى حالة مواجهة مفتوحة، غزة ليست جاهزة لها خاصة مع أوضاعها في ظل الحصار.

ثالثا: الاحتلال يسعى إلى جر المقاومة لحرب استنزاف تعيد الى الأمور لما يعرف بسياسات الاغتيال المركزة والاستباحة الواسعة.

رابعا: التصعيد قد ينهي ظاهرة مسيرات العودة الآخذة بتحريك ملفات غزة، عدا عن ارتداد التعبئة في الأرض الفلسطينية.

ويرى مركز القدس أن المقاومة، تدير نقاشاتها لهذه الفرضيات المهمة، مع تحليل بيئتها والمتمثلة بالآتي:

أولا: تماهي دول مثل مصر، الخليج، مع مخطط يسعى لتغيير البيئة السياسية في قطاع غزة والحرب قد تنشئ بيئة لذلك.

ثانيا: الاحتلال بات مطلق اليد في جانب صناعة التدمير والمجازر خاصة بعد احتراق الشرق وقبول العالم المجازر في الشام والعراق.

ثالثا: عدم اتزان السياسة الدولية، مع غياب واضح لمحاور يمكنها الضغط لتحسين شروط انتهاء أي حرب مع غزة لصالح المقاومة.

رابعا: لم تنتج بعد تحالفات للمقاومة تأخذ شكل من أشكال القدرة على توسيع الجبهات، أو القيام بمواقف سياسية ذات تأثير على مجريات حرب سواء من جانب(ايران، تركيا، قطر).

أما على جانب الاحتلال، فإنه يؤطر نقاشاته على النحو الآتي:

أولا: يرى الاحتلال أن حماس والمقاومة لن تذهب الى حرب في المرحلة الحالية، وبذلك يسعى لتعزيز قواعد عملياتيه في غزة متطورة ومتدحرجه.

ثانيا: أهمية ثبات بعض الخطوط الحمر، مع أهمية توسيع خيارات الردود الموجعة بطرق مختلفة، خاصة المتعلقة بتقليم أظافر المقاومة عبر استهداف مواطن القوة في المنطقة الحدودية.

ثالثا: يستعد الاحتلال لفرضية التصعيد المحدود، كما يحاول جر الأمور لتغيير قواعد الحضور الشعبي في مسيرات العودة.

رابعا: يرى الاحتلال أن المأزق لديه حقيقي في التعاطي مع غزة، خاصة في حال تصعيد الأمر لحرب كبيرة.

ولكن التعقيدات في وجه الاحتلال على النحو الآتي:

أولا: انفلات الأوضاع في غزة لصالح حالة غير منظمة لا يمكن السيطرة عليها.

ثانيا: خشية توسع دائرة المواجهة بالتأثير على الأوضاع الأمنية في سيناء والأراضي المصرية.

ثالثا: انقلاب الأوضاع في المنطقة والتحسب لاشتعال جبهات في حال كان نزيف الواقع في غزة كبيرا.

أمام ذلك يصعب في هذا الواقع اليقين بصوابية أي من الخيارات أمام المقاومة، سواء بالتصعيد أو الصمت عن تجاوزات الاحتلال، الأمر الذي ينعكس أيضا على تقييم سلوك الاحتلال.

لكن قراءة السلوك المتوقع لتطور الاوضاع على الأرض سيكون على النحو الآتي:

أولا: الأمور تتجه إلى تصعيد محدود ستندفع اليه الأطراف المختلفة بسبب تعقيدات الظروف القائمة، هذا الأمر بات حتمي على ما يبدو.

ثانيا: الأولوية لمسيرات العودة، مع يقين بأن هذا النمط ليس الحل لما تعانيه غزة وإن كانت قدرته كبيرة للغاية في تحريك الملفات، والضغط على أطراف مختلفه داخليا وخارجيا في حال جذوة متصاعدة ومستمرة.

ثالثا: الحرب فرضية حاضرة وبقوة ونمط الاستزاف حاضرا، لكن حسابات الأمرين ستكون متأنيه لدى المقاومة والاحتلال على حد سواء.

رابعا: الاحتلال والمقاومة أمام حالة سباق على قدرة كل منهما توسيع دوائر تأثيره في محيط غزة( الضفة، الداخل، الحدود الشمالية) من يملك القوة هو من يستطيع التأثير على هذه المناطق.

خلاصة الأمر : نحن نتجه إلى حالة تصعيد على الأرض، دفع الجهات لها سيكون حذرا مع استمرار واقع غزة على هذا النحو. الجهات التي يمكنها التأثير على واقع غزة، السلطة عبر وقف الاجراءات والذهاب لمصالحة حقيقية، بالاضافة إلى غلبة فريق في المنطقة يرى بأن غزة قادرة على ارباك المنطقة بأجملها، وأن الاحتلال جراء سيدفع ثمنا كبيرا في حال انفلات الأمور.