مكب النفايات مثالاً.. "اسرائيل" تستغل الفرص لكسب اعتراف دولي بالمستوطنات
ياسر مناع
19-08-2018
كتب: ياسر مناع - مركز القدس
في كل مرة يدخل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي طوراً وحقبة زمنية جديدتين، تترسخ القناعة في العقلية الإسرائيلية أكثر فأكثر بضرورة تغيير مفاهيم النصر الخاصة بها، والتي لم تعد مقتصرة على الغلبة في ميدان المواجهة المباشرة فقط، ويعزو ذلك الى حالة الفشل والخيبات المتتالية التي منيت بها خلال تعاملها مع الفلسطينين، على الرغم من تعدد وسائلها في المواجهة "من الناعمة الى الأكثر خشونة" في ظل "المعركة غير المتوازنة".
لم أدرِ أهو على سبيل العمد أم السهو تناول الإعلام وبشكل هامشي قضية رفض "إسرائيل" مشروعاً ألمانياً لإنشاء مكب للنفايات في محافظة رام الله والبيرة، جاء ذلك في أعقاب رفض ألمانيا للشرط الإسرائيلي المتمثل في استخدام المستوطنين للمكب جنباً إلى جنب مع الفلسطينيين، بل إني أكاد أجزمُ بأن الكثيرين من عامة الناس بل من بعض المثقفين أيضاً لم يسمعوا به أو لربما مروا عليه مستهزئين.
في الواقع لو كانت هذه الحادثة قد جرت في دولة أخرى لكانت حالة طبيعية جداً، لكن الحالة الفلسطينية بالتأكيد مغايرة تماماً، فمن الخطأ الفادح أن يتم التعامل مع سلوك "إسرائيل" بنوع من السطحية، بل من الواجب حتى نفهم الولوج الى ما بعد القشور لمعرفة الدوافع والأهداف الكامنة وراء ذلك.
في حقيقة الأمر فإن ما وراء الإشتراط الإسرائيلي، أن تشمل خدمة المكب عدد من المستوطنات الجاثمة في المنطقة هي أبعاد ومرامي سياسية بحتة لا إنسانية، تماماً كما هو الحال في إتفاقيات المعابر، وبيع وتوزيع الكهرباء للسلطة الفلسطينية، بالإضافة الى الاتفاقيات الأكثر حساسية وهي إتفاقيات المياه، والتي تشترط "إسرائيل" عند الموافقة على حفر الآبار أن يحفر مقابل كل بئر فلسطيني بئر آخر للمستوطنين، والذي يقابل برفض فلسطيني يتلاشى مع توالي الأيام.
في إطار ذلك كله تضع "إسرائيل" العقبات للحد من تطوير المجالات الحيوية الحياتية، مما يؤدي الى إزدياد الهوة الاستهلاكية بين الفلسطينيين والمستوطنين في الضفة لصالح المستوطنين، ولكن السؤال الذي يطرح هنا: ما الدافع من وراء الشروط "الإسرائيلية" وابرامها لمثل هذه الإتفاقيات مع أنها غير ملزمة بالنسبة لها؟.
بكل سهولة يمكننا القول بأنها هذه الشروط و الإتفاقيات تنطلق من قاعدة "الحل الوظيفي"، بمعنى آخر إلقاء العبء السكاني عن كاهل المؤسسة الحكومية الإسرائيلية إلى السلطة الفلسطينية، دون التخلي عن الدور الأمني الذي تمارسه المؤسسة العسكرية بكآفة اشكالها ومسمياتها، أضف الى ذلك المحاولات الرامية لنيل إعتراف وشرعية للمستوطنين على إعتبار أنهم سكان وأصحاب كيان وسلطة، لهم حقوق طبيعية لكن بأيدي فلسطينية، بينما ترى الثانية في ذلك "تحقيق الحاجة والضرورة" للمواطن الفلسطيني الذي يبحث عن الحياة الطبيعية في الوضع غير الطبيعي.
ختاماً، فيما ذكر سابقاً تسعى "إسرائيل" إلى تطبيع الحياة المدنية للسكان الفلسطينين- كما أطلق عليها بعض الباحثين - بأي شكل من الأشكال لتمرير الكثير من المخططات الإستيطانية، وذلك عبر إيهام الفلسطيني بأنه يعيش حياة طبيعية تحت إطار عادات استهلاكية مبالغ فيها كالسعي وراء كل جديد من الهواتف المحمولة والسيارات وأثاث، في ظل تراجع مستويات دخل الأفراد، مما تعمل على تكبيله بالتزامات مالية سواء للبنوك التي تقدم القروض الاستهلاكية لا الإنتاجية بشكل غير مسبوق إذ بلغت نسبة القروض الإستهلاكية الممنوحة للأفراد في عام 2017 (21% ) من إجمالي التسهيلات الممنوحة من قبل البنوك للقطاع الخاص، أو للحكومة عبر الضرائب والرسوم المفروضة على الممتلكات أو للإمتلاك، ويؤدي ذلك مع مرور الزمن الى "إغراق المواطن بالدين" مما ينتج عنه تلاشي الكثير من الأفكار والهموم الوطنية، أضف إلى ذلك إختزال واستئصال فكرة المقاومة الشاملة والمتكاملة، وإقتصارها على مظاهر سطحية جداً في العقول المعادة بلورتها وفق الرؤيا الإسرائيلية.
في كل مرة يدخل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي طوراً وحقبة زمنية جديدتين، تترسخ القناعة في العقلية الإسرائيلية أكثر فأكثر بضرورة تغيير مفاهيم النصر الخاصة بها، والتي لم تعد مقتصرة على الغلبة في ميدان المواجهة المباشرة فقط، ويعزو ذلك الى حالة الفشل والخيبات المتتالية التي منيت بها خلال تعاملها مع الفلسطينين، على الرغم من تعدد وسائلها في المواجهة "من الناعمة الى الأكثر خشونة" في ظل "المعركة غير المتوازنة".
لم أدرِ أهو على سبيل العمد أم السهو تناول الإعلام وبشكل هامشي قضية رفض "إسرائيل" مشروعاً ألمانياً لإنشاء مكب للنفايات في محافظة رام الله والبيرة، جاء ذلك في أعقاب رفض ألمانيا للشرط الإسرائيلي المتمثل في استخدام المستوطنين للمكب جنباً إلى جنب مع الفلسطينيين، بل إني أكاد أجزمُ بأن الكثيرين من عامة الناس بل من بعض المثقفين أيضاً لم يسمعوا به أو لربما مروا عليه مستهزئين.
في الواقع لو كانت هذه الحادثة قد جرت في دولة أخرى لكانت حالة طبيعية جداً، لكن الحالة الفلسطينية بالتأكيد مغايرة تماماً، فمن الخطأ الفادح أن يتم التعامل مع سلوك "إسرائيل" بنوع من السطحية، بل من الواجب حتى نفهم الولوج الى ما بعد القشور لمعرفة الدوافع والأهداف الكامنة وراء ذلك.
في حقيقة الأمر فإن ما وراء الإشتراط الإسرائيلي، أن تشمل خدمة المكب عدد من المستوطنات الجاثمة في المنطقة هي أبعاد ومرامي سياسية بحتة لا إنسانية، تماماً كما هو الحال في إتفاقيات المعابر، وبيع وتوزيع الكهرباء للسلطة الفلسطينية، بالإضافة الى الاتفاقيات الأكثر حساسية وهي إتفاقيات المياه، والتي تشترط "إسرائيل" عند الموافقة على حفر الآبار أن يحفر مقابل كل بئر فلسطيني بئر آخر للمستوطنين، والذي يقابل برفض فلسطيني يتلاشى مع توالي الأيام.
في إطار ذلك كله تضع "إسرائيل" العقبات للحد من تطوير المجالات الحيوية الحياتية، مما يؤدي الى إزدياد الهوة الاستهلاكية بين الفلسطينيين والمستوطنين في الضفة لصالح المستوطنين، ولكن السؤال الذي يطرح هنا: ما الدافع من وراء الشروط "الإسرائيلية" وابرامها لمثل هذه الإتفاقيات مع أنها غير ملزمة بالنسبة لها؟.
بكل سهولة يمكننا القول بأنها هذه الشروط و الإتفاقيات تنطلق من قاعدة "الحل الوظيفي"، بمعنى آخر إلقاء العبء السكاني عن كاهل المؤسسة الحكومية الإسرائيلية إلى السلطة الفلسطينية، دون التخلي عن الدور الأمني الذي تمارسه المؤسسة العسكرية بكآفة اشكالها ومسمياتها، أضف الى ذلك المحاولات الرامية لنيل إعتراف وشرعية للمستوطنين على إعتبار أنهم سكان وأصحاب كيان وسلطة، لهم حقوق طبيعية لكن بأيدي فلسطينية، بينما ترى الثانية في ذلك "تحقيق الحاجة والضرورة" للمواطن الفلسطيني الذي يبحث عن الحياة الطبيعية في الوضع غير الطبيعي.
ختاماً، فيما ذكر سابقاً تسعى "إسرائيل" إلى تطبيع الحياة المدنية للسكان الفلسطينين- كما أطلق عليها بعض الباحثين - بأي شكل من الأشكال لتمرير الكثير من المخططات الإستيطانية، وذلك عبر إيهام الفلسطيني بأنه يعيش حياة طبيعية تحت إطار عادات استهلاكية مبالغ فيها كالسعي وراء كل جديد من الهواتف المحمولة والسيارات وأثاث، في ظل تراجع مستويات دخل الأفراد، مما تعمل على تكبيله بالتزامات مالية سواء للبنوك التي تقدم القروض الاستهلاكية لا الإنتاجية بشكل غير مسبوق إذ بلغت نسبة القروض الإستهلاكية الممنوحة للأفراد في عام 2017 (21% ) من إجمالي التسهيلات الممنوحة من قبل البنوك للقطاع الخاص، أو للحكومة عبر الضرائب والرسوم المفروضة على الممتلكات أو للإمتلاك، ويؤدي ذلك مع مرور الزمن الى "إغراق المواطن بالدين" مما ينتج عنه تلاشي الكثير من الأفكار والهموم الوطنية، أضف إلى ذلك إختزال واستئصال فكرة المقاومة الشاملة والمتكاملة، وإقتصارها على مظاهر سطحية جداً في العقول المعادة بلورتها وفق الرؤيا الإسرائيلية.