مناطق جيم.. أربع موجات استيطانية

نجيب مفارجة
24-09-2023

كانت المنطقة (ج) ولا زالت محط أطماع الاحتلال الإسرائيلي منذ البداية - وفقًا للاتفاق المرحلي - باعتبارها مجالا حيويا للاستيطان، خصوصا أنّ "99% من هذه المنطقة مستبعدة تمامًا من الاستخدام الفلسطيني، ولا تسمح سلطات الاحتلال للفلسطينيين بالبناء فيها لأغراض السكن أو لأغراض تجارية أو صناعية.

في منطقة (ج) تنواجد معظم الموارد الطبيعية في الضفة، إضافة لأحواض المياه الرئيسة باستثناء الحوض الشمالي الشرقي في محافظة جنين، وطالما كانت هذه المنطقة مستهدفة بالاستيطان منذ البداية، والذي مر بموجات ثلاث، وعلى ما يبدو أننا دخلنا المرحلة الرابعة والأخيرة.

يعيش الآن أكثر من 500 الف مستوطن في الضفة الغربية، بالإضافة إلى 250 ألف بالقدس، أي أن المجموع تجاوز 750 ألف مستوطن، ما يشكل سبعة أضعاف العدد الذي كان عليه الحال في العام 1993 ، وذلك ضمن أجندة يومية لحكومة فاشية ونازية جديدة في "إسرائيل" ، جعبتها حبلى بالمشاريع والمخططات الاستيطانية الهدامة في إطار سياسة الحسم والضم، حيث تعمل عليها بوتيرة مرتفعة.

الموجة الأولى

كانت في فترة حكم حزب العمل بين عاميْ 1967 – 1977، فقد جرى بناء 31 مستوطنة أهمها في منطقة "القدس الكبرى"، و"غوش عتصيون" في محافظة بيت لحم، وغور الأردن، فضلًا عن مستوطنة "موفيه حورون" التي أقامتها على أراضي القرى المدمرة (يالو، بيت نوبا، واللطرون).

كان التركيز في ذلك الوقت على مستوطنات "غوش عتصيون" وغور الأردن ومنطقة "القدس الكبرى"، أمّا في بقية أنحاء الضفة فقد بنت "اسرائيل" مستوطنة واحدة فقط، وأما عدد المستوطنين، فقد ارتفع إلى 2876 مستوطنًا.

الموجة الثانية

بدأت مع ما عرف بـ "الانقلاب" \ التحول الكبير في سياسة "إسرائيل" الاستيطانية ، وذلك بعد صعود اليمين المتطرف بقيادة مناحيم بيغن إلى السلطة والتوقيع على اتفاق السلام مع مصر، فقدأقام الاحتلال آخر سبعينيات القرن الماضي ومطلع الثمانينيات 35 مستوطنة تلاها 43 مستوطنة جديدة حتى نهاية الثمانينيات.

بعد ذلك، تصاعدت النشاطات الاستيطانية في الفترة التي رافقت مفاوضات مدريد وواشنطن بين منظمة التحرير وإسرائيل بعد حرب الخليج الأولى عام 1991، فأقامت حكومة اسحق شامير حينها 7 مستوطنات جديدة، فيما ارتفع عدد المستوطنين إلى 107 آلاف، حيث وصلت نسبتهم إلى 5,3% من المجموع العام لسكان الضفة وقطاع غزة.

الموجة الثالثة

بدأت بعد التوقيع على اتفاقيات أوسلو، حيث تواصلت الأنشطة الاستيطانية، وجرى التوسع في الاستيطان وفتح الشوارع الالتفافية، وإصدار الأوامر العسكرية القاضية بوضع اليد على الأراضي الفلسطينية، خلافًا لما تضمنته الاتفاقية التي نصت على أنه لا يجوز لأي من الطرفين البدء أو اتخاذ أي خطوة من شأنها تغيير الوضع بالضفة وغزة لحين انتظار نتائج مفاوضات الوضع النهائي.

لم يدرك الجانب الفلسطيني "المنظمة" أنّ حكومات الاحتلال المتعاقبة استخدمت الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها معهم غطاءا سياسيًا لنشاطاتها الاستيطانية، وقد وصل العدد - قبيل الانتخابات الأخيرة للكنيست الاسرائيلي عام 2022 - إلى 158 مستوطنة في أراضي الضفة الغربية بما فيها القدس ويسكنها نحو 700 – 750 ألف مستوطن، أي أنّ عدد المستوطنين في الضفة الغربية والقدس المحتلتين تضاعف سبع مرات منذ توقيع اتفاقية أوسلو، علاوة على 15- 20 ألف مستوطن يسكنون في أكثر من 200 بؤرة استيطانية "غير شرعية" أخذت تتحول مع مرور الزمن إلى حاضنة للمنظمات الإرهابية اليهودية، مثل : "شبيبة التلال" و"دفع الثمن"، و"تمرد".

أخطر ما في الأمر، أنّه مع التوسع الاستيطاني لم يعد هناك حديث عن مستوطنات سياسية (يمكن تفكيكها)، وأخرى أمنية - حسب تعبير اسحق رابين-، بل عن بنية استعمارية استيطانية على مساحة 600 ألف دونم، تشكل نحو 12% من مساحة الضفة.

الموجة الرابعة

نشاط استيطاني غير مسبوق ومخططات اسرائيلية هدامة، بدأت مع صعود اليمين الفاشي في "إسرائيل" إلى الحكم بعد الانتخابات الأخيرة للكنيست، التي جرت العام الماضي، وتهدف لزيادة عدد المستوطنين في الضفة والقدس إلى نحو مليون مستوطن خلال العامين المقبلين.

وزير الاستيطان في وزارة الجيش بتسلائيل سموتريتش – وزير المالية - أعدّ من جانبه خطة استيطانية تحوي عشرات المشاريع الاستيطانية بين بناء جديد :مدن استيطانية جديدة، وإضفاء الشرعية على نحو 155 بؤرة استيطانية ومزرعة رعوية .

أرقام سموتريتش

وفقا لما أعلنه سموتريتش مؤخرا، فإنّ "عدد المستوطنين في الضفة الغربية دون القدس كان عند التوقيع على اتفاقية أوسلو الأولى عام 1993 نحو 115000 ليرتفع عام 1999 إلى نحو 177411، وفي عام 2005 إلى 249901، وفي عام 2010 إلى 313,928، وفي عام 2015 إلى 388,285، كما ارتفع في عام 2018 إلى 430,147 ليصل نهاية العام 2022 إلى أكثر من 500000 مستوطن، يسكنون في 158 مستوطنة إسرائيلية في الضفة الغربية،  منها 24 بالقدس، إضافة لما يقارب 200 بؤرة استيطانية ومزرعة رعوية إسرائيلية غير قانونية يسكنها نحو 25 ألف مستوطن أغلبيتهم الساحقة من زعران "شبيبة التلال" و"تدفيع الثمن" الارهابيتين .