موفيه حورون.. استهداف الاستيطان للّطرون منذ اللحظة الأولى

نجيب مفارجة
29-09-2023

شمال غرب القدس، وجنوب شرق الرملة، وجنوب غرب مدينة رام الله، أقيمت مستوطنة موفيه حورون عام 1970 في وسط الضفة الغربية، على أراضٍ من قرى "اللطرون" المهجرة : بيت نوبا، وعمواس ويالو، حيث بلغ عدد سكانها عام 2018 حوالي 2,650 مستوطنًا.

بدأت قصة الاستيطان مع اللطرون فترة حكم حزب العمل بين عاميْ 1967 – 1977، فيما عرف بالموجة الأولى للاستيطان، حيث جرى -آنذاك- بناء 31 مستوطنة في أراضي الضفة الغربية، أهمها في منطقة "القدس الكبرى"، و"غوش عتصيون" في محافظة بيت لحم، وغور الأردن، فضلًا عن مستوطنة "موفيه حورون" التي أقامتها على أراضي القرى المدمرة (يالو، بيت نوبا، عمواس).

عام 2018، صادقت حكومة الاحتلال على مخطط استيطاني جديد، يهدف لتوسعة مستوطنة "موفيه حورون"، وقد بلغت مساحة المخطط الاستيطاني الجديد 258 دونما من أراضي واقعة في الحوض المالي رقم 2 \ "خربة ركوبس" التابعة لقريتيْ :بيت لقيا المجاورة وبيت نوبا المهجّرة، وقد صادق الاحتلال على المخطط دون أن يتم الإعلان عنه، ويهدف لإقامة 251 وحدة استيطانية بالإضافة إلى طرق ومؤسسات وموقف للسيارات ومقبرة وغيرها.

أحاط المخطط الجديد بالمستوطنة من جهاتها الثلاث (الشمالية والجنوبية والشرقية) عبر إنشاء كتلة استعمارية على شاكلة هلال، وسيأتي على أجزاء من أراضي زراعية ذات طبيعة سهلية تزرع بالمحاصيل الشتوية، وقد صدر المخطط عما يسمى بالقائم على إصدار التصاريح في الأراضي المستولى عليها لأغراض عسكرية، في إشارة إلى أن الأراضي قد تم الاستيلاء عليها (وضع اليد عليها) لأغراض عسكرية، لكن الاحتلال عمل على تحويلها لأغراض استعمارية بحتة، مع التأكيد على أن تلك الأراضي ما زالت "ملكية خاصة"، وليست "أراضي دولة" تمت مصادرتها من قبل.

اللطرون.. من أشهر المعارك مع الاحتلال

لقد كانت اللطرون مسرحًا للقتال أثناء معركة اللطرون عام 1948 بين الجيش الأردني والاحتلال الصهيوني بعد أن حاول الاحتلال الصهيوني احتلالها ستّة مرّات دون جدوى.

أفضت تلك المعركة إلى اتفاق الهدنة بين الجانبين الذي نص على أن تصبح اللطرون القديمة جزءاً من الضفّة الغربيّة واستُخدمت معسكرًا للجيش الأردني، بينما باتت اللطرون الجديدة جزءاً من المنطقة

المُجرَّدة من السلاح، كما سمح الاتفاق للاحتلال الصهيوني استخدام طريق اللطرون.

مَعْرَكَة اللطرون أو معارك اللطرون هي سلسلة من الاشتباكات العسكرية التي حدثت على مَشَارِف مَنْطِقة اللطرون بين الجَيْش العَرَبي الأردني وجيش الدفاع الاحتلال الصهيوني في الفترة المُمْتَدَّة من 25

 مايو وحتى 18 يوليو من عام 1948م، وذلك ضِمْن حَرب النَّكْبة سنة 1948م. 

في شهر مايو 1948م، كانت المنطقة تحت سيطرة الجيش العربي، ونتيجةً لذلك، كان الجيش العربي مُسَيْطرًا على الطريق الوحيد الواصِل بين المنطقة المحتلة من القدس وبين دولة الاحتلال الصهيوني، وذلك ما أعطى اللطرون أهمية إستراتيجية في معركة القدس.

على الرغم من هجوم الجيش الاحتلال الصهيوني على اللطرون في خمس مناسبات مختلفة، إلا أنه لم يَسْتَطِع نهائيًا الاستيلاء عليها، وبَقِيَت تحت الحُكْم الأردني حتى وقوع حرب النكسة سنة 1967م، أو ما يُسَمَّى حرب الستة أيام.

أفْضَت المعارك إلى انتصار حاسم للجانب الأردني، حتى أن الاحتلال الصهيوني قَرَّ أن يَبْني طريقًا جَانِبِيًّا حَوْل اللطرون لِتَسْيير حَرَكة النَّقْل بين القدس وتل أبيب، ذلك لتجنّب استخدام الطريق الرئيسي الذي

 

يسيطر عليه الجيش الأردني وعلى أية حال، استطاع سكان القدس اليهود خلال فترة معركة القدس أن يَتَلَقَّوا الإمدادات من خلال طريق جديد سُمِّي «طريق بورما» الذي كان يمر بجانب اللطرون دون

المرور بها، وكان مناسبًا للقوافِل الأمنيّة. 

تَرَكَت معركة اللطرون بَصْمَتَهَا في الذاكرة الشَّعْبِيَّة الصهيونية، كما أنها أصبحت جزءًا من حكايات قِيام الدولة اليهودية.  وأَدَّت الهَجَمات إلى مَقْتَل 168 جنديًّا صهيونيا، وهناك بعض المصادر التي تَضَخِّم

هذا الرقم إذ يَصِل إلى 2000، وقد وَضَع قَرَار الأمم المتحدة رقم 181 منطقة اللطرون ضمن الدولة العربية المُفْتَرَضة.

يَحْمِل القتال في اللطرون أهمِّيَّةً رَمْزِيَّة أيضًا بسبب مشاركة بعض النَّاجِين من الهولوكوست ضمن صفوف الجيش الصهيوني.

 أما في الوقت الحاضِر، فتحتوي أرض المعركة على مَتْحَف عَسْكَري تابع لسلاح مدرعات الاحتلال، وكذلك تحتوي على نُصْب تذكاري لحرب فلسطين الممتدة بين عامَيْ 1947 و1949م ، ويقع معظم قطاع اللطرون اليوم ضمن أراضي محافظة رام الله والبيرة بعد قدوم السلطة الفلسطينيّة، إلا أن جدار الفصل يعزل المنطقة عن باقي الأراضي المجاورة بالضفّة الغربيّة.

لا زالت أراضي منطقة اللطرون تضم عددًا من المعالم المتبقيّة مثل دير اللطرون، وقلعة اللطرون التاريخيّة، ومركز شرطة اللطرون (الموجود منذ زمن الانتداب البريطاني، والذي حوّلته إسرائيل بعد سقوط القرية إلى متحف لدبّابات الفيلق المُدرَّع الإسرائيلي)، بالإضافة إلى متحف إسرائيل المُصغَّرة ومركز رصد ودراسات الطيور المهاجرة اللذان تم تشييدهما بعد الاحتلال عام 1967.

اللطرون

منطقة فلسطينيّة تشكّل نتوءًا جغرافيًا في الضفّة الغربيّة، تقع على الطريق الواصل بين القدس ويافا، تبعد 25 كيلومترًا غرب القدس و14 كيلومترًا جنوب شرق الرملة، وترتفع 250 مترًا عن سطح البحر، كانت تتبع قضاء الرملة قبل النكبة، وتقع ضمن مناطق ج حسب اتفاق أوسلو.

تضم اللطرون عددًا من القرى المُهجَّرة وأراضي تابعة لها سيطرت إسرائيل على قسم منها عام 1948، ثم أكملت السيطرة عليها عام 1967 ودمّرتها وأجبرت سكّانها على الرحيل منها تحت تهديد السلاح.

الجغرافيا

تقع اللطرون في موقع استراتيجي يتحكّم بالطرق الرئيسيّة بين الساحل الفلسطيني والقدس. وتمنح من يسيطر عليها ميزة عسكريّة واستراتيجيّة في الوصول والتحكم بالأخيرة، كما تتمتع بأراضٍ خصبة ومخزون ضخم من المياه.

تبلغ مساحة قطاع اللطرون 13307 دونمًا والذي تشكّل إثر حرب 1948، ويضم بداخله قرية اللطرون المُهجَّرة عام 1948، التي كانت تتكون من قسمين، الأول اللطرون القديمة والثاني اللطرون الجديدة

والتي بُنيت عام 1940، وتقع إلى الجنوب قليلاً. ولقد تم الاتفاق بين الأردن وإسرائيل بعد معركة اللطرون على تحديد منطقة مُحرَّمة في هذه المنطقة ضمن اتفاق الهدنة عام 1949 تبلغ مساحتها 48.5

دونمًا، والتي جرى التعديل عليها عدة مرّات حتى أخذت شكلها النهائي في 3 نيسان/ أبريل 1949.

قرى اللطرون

يضم قطاع اللطرون في داخله أيضًا ثلاثة قرى تم احتلالها وتدميرها وتشريد سكّانها تحت تهديد السلاح بعد حرب 1967. وقد فقدت مساحة كبيرة من أراضيها بعد حرب 1948 إثر اتفاقيّة الهدنة مع الإسرائيليين عام 1949، حيث خضع قسم كبير من أراضيها للسيطرة الإسرائيليّة المباشرة، وقسم آخر أصبح ضمن المنطقة الحرام، وهذه القرى هي:

عمواس

تقع يقايا قرية عمواس في وسط اللطرون عند تقاطع طرق اللطرون (تقاطع الخط السريع 1 والخط السريع 3 الإسرائيليّان). وقد أُنشئت القرية -التي لها أهميّة في التاريخين المسيحي والإسلامي في

فلسطين- في السفح الشمالي الغربي لتل يرتفع 375 مترًا عن سطح البحر، ويقابلها قرية يالو المجاورة على السفح الآخر للتل. وتشرف رقعتها على السهل الساحلي الفلسطيني الأوسط غربًا.

كانت عمواس في العهد الروماني مركز مقاطعة فتحها عمرو بن العاص، وأصبحت مقر جند المسلمين، والجدير بالذكر أن الرهبان الفرنسيين أقاموا فيها عام 1890 دير اللطرون ومستوصفًا ومدرسة زراعية، وفي عمواس كنيسة متهدمة وهياكل ومدافن وقناة وآثار بناء تدل على أنها كانت عامرة قديمًا، وتوجد حولها بعض الخرب الأثريّة.

يالو

تقع بقايا هذه القرية في شرق قطاع اللطرون، كان يسير نمو القرية العمراني متجهًا إلى الشمال الغربي بمحاذاة الطريق التي تصلها بطريق رام الله – الرملة، وتحتوي القرية على بعض الآثار كبقايا بناء في

أسفله عقود وتل أنقاض وبئر مبنية، وتحيط بالقرية الأشجار الحرجيّة.

بيت نوبا

تقع بقايا هذه القرية في شمال شرق قطاع اللطرون، كما كان للجيش الأردني بعض النقاط الدفاعيّة فيها بين عامي 1948 و1967، وبعد أن احتلت إسرائيل الضفة الغربية عام 1967 طردت سكان بيت نوبا

من قريتهم ودمرتها تدميرًا كاملاً لإقامة معسكرات للجيش الإسرائيلي فيها، ويعود سكانها في أصولهم إلى الأكراد الذين نزلوا فلسطين خلال الحروب الصليبيّة، وتحيط بالقرية خرب أثرية ذات أهمية تاريخية إلى جانب الآثار الموجودة فيها.