نتنياهو: ملفات فساد تطيح بالصورة الرمزية عن دولة الاحتلال

علاء الريماوي
22-02-2018

  • علاء الريماوي


حاول الاحتلال منذ نشأته في الأرض الفلسطينية تقديم صورة نمطية عن حكمه، تتعلق بالمؤسسية الحاكمة والرقابة التي وفرت شكلا من أشكال نقاء الحكم مما انعكس على التصور الذهني للعرب عن الكيان.




في قضية فساد نتنياهو ظهرت اختلافات جوهرية في تعامل الاحتلال وسلوكه في الملفات المماثلة السابقة كملف رئيس وزراء الاحتلال ايهود أولمرت المتعلقة بالرشوة، أو رئيس الكيان كتساف المتعلقة بالاغتصاب، سواء من حيث التعقيدات التي تتداخل فيها قضية نتنياهو من حيث الاتهامات التي تحولت إلى منظومة مترابطة من أشكال الفساد، طالت زوجته، والأسرة، وعدد من مستشاريه، وشركات ورجال أعمال، ومؤسسات إعلام،و منظومة سياسية تخشى على نفسها في حال سقوط نتنياهو، وائتلاف حكومي يرتبط بنتياهو وجوديا.




الواقع الفاسد أدى إلى تشوه في حركة المجتمع الصهيوني والانقسام الحاد حول أهمية استقالة نتنياهو الذي ظهر منه استغلال النفوذ و تعيينات في سلم الدولة والقضاء تهدف لحمايته.




هذا التشوه لم يظهر في المجتمع وحده بل طال المؤسسة السياسية والأحزاب كما أسلفنا، إذ ظهر جليا، بعد قيام الشرطة الأسبوع الماضي بتوجيه اتهام واضح لنتنياهو بالرشوة وخيانة الأمانة العامة والاحتيال في (الملف 1000) المتعلق بتقديم رشوة بشأن حصول الأخير على هدايا من رجال أعمال تقارب مليون شيكل، و (الملف 2000) الذي يشتبه نتنياهو فيه بتقديم عرضا لناشر صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أرنون موزيس، بعرقلة توزيع صحيفة "يسرائيل هيوم" مقابل الحصول على تغطية إيجابية في صحيفة يدعوت واسعة الانتشار، عدا ملفات فساد منزلية تتعلق بزوجته، وأخيرا ملف (4000) وشهادة القاضية غرستل التي أكدت في افادتها تلقي عرض من المستشار الإعلامي إيلي كمير، تضمن تعيينها في منصب المستشارة القضائية للحكومة إذا التزمت بإغلاق الملف ضد زوجة رئيس الحكومة ساره .




صحيفة هآرتس أشارت إلى النحس المتسارع الذي أصاب نتنياهو، والذي باتت معه تفتح عليه ملفات لم يكن مستعدا له بعد اطمئنان الافلات من العقاب.
الاطمئنان من عدمه لم يعد المشكلة التي تواجه الكيان في بنيته، وشكل تعاطية مع قضايا الفساد فيه، بل النقاش الدائم الآن هو " هل ظل الاحتلال يملك مؤسسة مهنية ".




الإجابة كانت في مناقشة الصحف العبرية ومنصات الإعلام والتي يمكن تلخيصها في جملة نقاط أهمها:
أولا: على الرغم من الشبهات القوية التي طالت نتنياهو إلا أن الأخير ظل في ذهن الجمهور الصهيوني الملك الذي لا يمكن للسياسة الاسرائيلية الاستغناء عنه.
ثانيا: ضعف الثقة في المؤسسة وقناعة الجمهور الصهيوني أن الشرطة فاسده، وأن الشرقي روني الشيخ قائد الشرطة تحركه أجندات في اتهام نتنياهو.




ثالثا: ضخامة الفساد في المؤسسة (الشرطة، الجيش، الانحلال الأخلاقي، وعبث رأس المال، وضوح الفساد في المجالس المحلية) خلق مجتمع يقبل السياسي الفاسد.

رابعا: افلاس المؤسسة الصهيونية من الرموز، إذ تشيير الساحة الصهيونية إلى خفوت نجم العسكر وعقم الجالة السياسية من تقديم بديل نتنياهو، الأمر الذي وضع المجتمع الصهيوني أمام التخوف من القادم، وصعوبة الثقة بالصبية كما قال يعلون عن وزراء الكبينت في حرب غزة.




خامسا: صدمة حرب عام 2014 على غزة أورثت المجتمع الصهيوني أن صمام الأمان الوحيد نتنياهو برغم كل فساده، لمشاهدة السلوك السياسي للاحزاب القيادات الأخرى.

سادسا: الانقسام بين فئات المجتمع الصهيوني إذ يرى الغربي والتيار اليميني أن بدائل الحكم صعبة في ظل غياب نتنياهو.
هذه المناقشة تعبر عن المجتمع، والمؤسسة، والدولة، لكن في المقابل تدحرج الملفات بات يثق على الساحة السياسية في الكيان، برغم تصريحات ليبرمان، نفتالي بنت، الأحزاب الدينية التمسك بنتياهو الائتلاف الحاكم.




وعليه يرى مركز القدس" أن التطور الأخير في الملف القضائي لنتنياهو، عقد موقفه، وزاد من فرص انهاء مواصلته الحكم لدورة قادمة".
لكن بحسب المركز" إن المهم في قراءة المشهد الصهيوني، هو علنية الفساد وقبوله في المؤسسة الصهيونية واتساعه، وقبول المجتمع له، وتعاطيه مع أشكاله، وقبول حكمه، مما يشكل تطورا مهما على صعيد ضعف الاحتلال وتراجع مكانته".




وأشار المركز" هذا يعد التطور الأهم خلال السنوات العشر الماضية، مضافا إلى ضعف الرمزية التي قادت الاحتلال، الأمر الذي من شأنه الانعكاس على قدرة الكيان اتخاذ خطوات مصيرية، تتعلق بالحروب الكبيرة، أو الاتفاقات الواسعة".

وختم المركز" قضية نتنياهو، وتعاطي الاعلام معها، وحركة المجتمع، تصلح مادة غنية لدراسة التحولات التي سيكون عليها الاحتلال خلال السنوات العشر القادمة".