نظام الانتخاب بالقائمة المغلقة.. ما له وما عليه

جودت صيصان
07-03-2021
مقالة

نظام الانتخاب بالقائمة المغلقة.. ما له وما عليه

جودت صيصان




بعد انقطاع الفلسطينين عن ممارسة حقوقهم السياسية بانتخاب ممثليهم حوالي 15 عامًا -ساد خلالها الانقسام والفساد والظلم والطغيان-  يعود الفلسطينيون مجددًا للانتخابات عبر نظام انتخابي جديد.

يُشكّل إجراء التعديلات على القوانين والنظم الانتخابية أحد أبرز سمات الديمقراطيات الناشئة، وفي الحالة الفلسطينية نجد أن الانتخابات العامة الأولى في العام 1996 جرت وفقًا لنظام الأغلبية النسبية، بينما عُقدت الانتخابات العامة الثانية في العام 2006 على أساس النظام الانتخابي المختلط الذي يجمع مناصفة بين نظام الأغلبية النسبية (دوائر) ونظام التمثيل النسبي (قوائم)، أما النظام الانتخابي الجديد في الانتخابات العامة الثالثة والمتوقع إجرائها في 22 أيار 2021 فسيكون على أساس نظام القوائم المغلقة.

يتيح نظام القائمة المغلقة على مستوى الوطن (التمثيل النسبي الكامل) للحزب أو الكيان السياسي الانفراد في اختيار وترتيب مرشحيه في القائمة، ولا خيار أمام الناخب سوى اختيار القائمة كاملة، بمعنى لا يُسمح للناخب باختيار مرشح دو ن آخر في القائمة.

يُجمع المتخصصون في النظم الانتخابية، أنه لا يوجد نظام انتخابي كامل يستطيع أن يُعبر عن الإرادة الشعبية، وكل نظام له عيوبه ومزاياه، ولكن في الحالة الفلسطينية نعتقد بأن مزاياه أكثر من عيوبه.

فما هي أهم ممیزات نظام الانتخاب بالقائمة؟

لا شك بأن لهذا النظام الانتخابي الجديد العديد من المزايا لكننا سنركز على بضعٍ منها:

-  مفاضلة الناخب على أساس البرامج السياسية الحزبیة والصورة الذهنیة للحزب الذى یختاره مما يُساعد على التنمية السياسية بشكل أكبر.

-  تقویة الأحزاب السیاسیة التى یعزز وجودها وانتشارها وجود نواب لها في البرلمان.

- إضعاف تأثیر القبلیة ورأس المال فى حشد الناخبین لصالح تقوية الأحزاب السياسية.

-  یمكن أن یترشح من خلالها أشخاص ذوي كفاءة بالرغم من كونهم مغمورين أو غیر معروفین مسبقًا للجمهور وبدون حاجة إلى كاریزما.

- یحرر النواب من ضغوط الناخبین المباشرة ویوجه اهتمام الناخبین إلى القضایا العامة أكثر من القضایا المحلیة الخاصة بمناطقهم.

وبالرغم من كل هذه المزايا وغيرها الكثير فإن لنظام الانتخاب بالقائمة عيوبًا تستحق التوقف عندها منها:

-  قد یساعد نظام الانتخاب بالقائمة فى دخول بعض الأشخاص محدودى الثقافة والفكر والرؤیة السیاسیة والأخلاقیة، أو قیادات حزبیة ضعیفة أو فاسدة أو منفصلة عن الشارع ؛ كانت ستفشل لو خاضت الانتخابات بنظام الفردي.

- بعض الأحزاب الموجودة الآن فى الساحة الفلسطينية لم تصنع لها ظهیرًا شعبیًّا، وخوفًا من انكشافها وعدم دخولها للبرلمان، قد تلجأ للتحالف مع أحزاب كبيرة لضمان تمثيلها في البرلمان مقابل ولائها وخضوعها الكامل لهذا الحزب الكبير .

- عدم استقرار الحياة السياسية إذا لم يتوافق الحزبان الرئيسان على تشكيل ائتلاف حكومي، وخاصة إذا ما خلق هذا النظام الانتخابي نتيجة انخفاض نسبة الحسم إلى 1.5% كتلاً برلمانية صغيرة تمارس الابتزاز للتحالف الحاكم، كما هو الحال في العديد من الدول التي طبقت هذا لنظام الانتخابي.

وبالرغم من هذه المزايا والعيوب لنظام القوائم المغلقة إلا أن قراءة متأنية للمشهد الانتخابى الحالي في فلسطين نجدها تؤشر إلى أن:

- زيادة نسبة المشاركة التصويتية في الانتخابات القادمة ستجعل عدد الأصوات التي يحتاجها المقعد الواحد كبيرة مما يُقلل من إمكانية تسلل أحزاب أو قوائم كرتونية لا تستحق الدخول للبرلمان.

- الكتلة التصویتیة الأكبر فى فلسطين الآن لیست محسومة أو في جيب أحد، بل هى عموم الفلسطينين غیر المؤطرين حزبيًّا، وهى كتلة عائمة لا یمكن التنبؤ بسلوكها التصویتى وسیحسم الانتخابات من یطمئن هؤلاء ویقنعهم.

- الأحزاب والقوائم التي تستطيع إدارة حملاتها الانتخابیة بمهارة ومنهجية واحتراف سيكون لها النصيب الأكبر من أصوات الكتلة العائمة والتي لم تحسم وجهتها التصويتية حتى الآن.

إن مسألة النظام الانتخابي الذي تحدثنا عنه هو أحد العوامل الرئیسة فى التطور الدیمقراطى ورسم خریطة المستقبل، والتجربة وحدها قد تبين لنا سلامة هذا المسار أو سلبيته بالنسبة للواقع الفلسطيني...