نهاية نتنياهو تلوح في الأفق.. هذه لحظة محورية للشرق الأوسط
أثناء خطاب حالة الاتحاد في السابع من آذار/ مارس الجاري أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن عن تشييد ميناء قبالة ساحل غزة للمساعدة في وصول المساعدات للمدنيين الفلسطينيين.
وترى الباحثة والمحامية الدولية الإسرائيلية المقيمة في المملكة المتحدة نومي بار- ياكوف أنه على الرغم من أن هذا يعد إجراء إنسانيا مهما، فإنه في الغالب اعتراف بفشل التوصل لوقف لإطلاق النار، وإقناع الاحتلال الإسرائيلي بالسماح بدخول المساعدات الإنسانية الكبيرة برا.
وتضيف بار- ياكوف الزميلة المشاركة في برنامج الأمن الدولي في معهد تشاتام هاوس البريطاني (المعهد الملكي للشؤون الدولية) أن الهوات الشاسعة بين موقفي حماس و الاحتلال الإسرائيلي ينطوي على خطر حدوث تصعيد إقليمي خطير. كما يزيد استمرار القتال من صعوبة مواجهة الكارثة الإنسانية في غزة، حيث أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق شؤون المساعدات أن 500 ألف شخص على الأقل على حافة المجاعة، وأن أكثر من 17 ألف طفل أصبحوا يتامى أو بدون عائل.
وأشارت بار- ياكوف في تقرير نشره معهد تشاتام هاوس إلى أن شهر رمضان كان يعتبر موعدا محددا مهما للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات للفلسطينيين في غزة وتخفيف حدة التوترات. ولكن ما حدث هو أن هذا الشهر سوف يشهد تصعيدا محتملا، فالتقارير حول منع رجال الشرطة الإسرائيليين وصول الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى مساء الاثنين الماضي تؤكد نوع التوترات التي يمكن أن تؤدي إلى تصعيد العنف. كما سوف تكون هناك حاجة للمساعدات الإنسانية ومساعدات التعافي لفترة طويلة حتى بعد التوصل لوقف إطلاق نار دائم.
كما أن أزمة غزة تؤثر بشكل مباشر على الوضع في الضفة الغربية. وذكرت الأمم المتحدة أن أكثر من 400 فلسطيني لقوا حتفهم في المنطقة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر نتيجة لأعمال التوغل التي يقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلي وعنف المستوطنين. كما زاد عدد الاعتقالات في الضفة الغربية، كما أن التوترات تتصاعد هناك أيضا.
وتقول بار- ياكوف إنه في ظل كل ذلك يعد الخبر الجيد الوحيد هو أنه يبدو أن عهد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يقترب من نهايته- على الرغم من أنه لا يعلم أحد الوقت الذي سوف تستغرقه عملية عزله من منصبه. فقد أبدت واشنطن بوضوح نفاد صبرها إزاء نتنياهو وتسعى لتشكيل شراكة مع قيادة بديلة في كيان الاحتلال الإسرائيلي.
وكانت الزيارة غير العادية التي قام بها للولايات المتحدة الأسبوع الماضي بيني غانتس عضو مجلس حرب الكيان الإسرائيلي (رغم عدم موافقة نتنياهو الصريحة) زيارة لم يسبق لها مثيل، ودليلا واضحا على غضب إدارة بايدن تجاه رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي.
والأمر الأكثر إثارة للذهول هو دعوة تشارلز شومر، زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، وهو أعلى مسؤول يهودي منتخب في الولايات المتحدة لإجراء انتخابات في الكيان ليحل رئيس وزراء جديد بدلا من نتنياهو.
وقد أبدى ثلاثة من أعضاء مجلس الحرب الذي يترأسه نتنياهو- هم وزير الدفاع يوآف غالانت، وغانتس، وجادي إيزينكوت- اعتزامهم منافسته على منصب رئيس الوزراء.
وتقول بار-ياكوف إن الإسرائيليين مستعدون للتغيير. وفي استطلاعات الرأي الأخيرة، التي أجرتها القناة 13 الإسرائيلية ومعهد الديمقراطية الإسرائيلي أعرب نحو 75% عن رغبتهم في رؤية رحيل نتنياهو.
وحتى داخل حزب نتنياهو، الليكود، هناك مناورات تجرى لخلافته، مع ظهور تحديات له من جانب اليمين المتطرف داخل تحالفه. وفي ظل هذه الظروف فإن سقوط التحالف وتولي حكومة جديدة السلطة مسألة وقت فقط.
وأكدت بار- ياكوف أن رحيل نتنياهو سوف يكون لحظة محورية بالنسبة لإسرائيل، والمنطقة والعالم. وسوف تتاح للكيان فرصة حقيقية لتعزيز أولويات جديدة، وأفكار جديدة، وللاندماج في المنطقة. كما سيكون فرصة فريدة لإضفاء زخم لعملية سلام جديدة. ويتعين أن يبدأ اليوم التخطيط لذلك اليوم.
وقالت بار- ياكوف رغم أنه يبدو أن التوصل لوقف لإطلاق النار ما زال بعيدا، يتعين على الولايات المتحدة والعالم العربي الاستعداد الآن لسقوط نتنياهو. وينبغي أن تفعل ذلك الدول العربية التي تربطها علاقات دبلوماسية بالكيان عاجلا وليس آجلا. فرحيل نتنياهو سيكون فرصة مهمة لضخ زخم في وقف دائم لإطلاق النار وعملية سلام موثوق بها، ويتعين على العالم الاستعداد لانتهاز اللحظة لمنع نشوب حرب أخرى وتأمين السلام والاستقرار في المنطقة.