هدار جولدن.. هل ما زال على قيد الحياة ؟

ياسر مناع
21-01-2019



كتب: ياسر مناع- مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني




اسماء متعددة الاتصال المفقود، الصندوق الأسود، الجمعة السوداء، لكن اللغز واحدُ "هدار جولدين"، الجندي الأسير لدى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة،  والذي لا زال مصيره مجهولاً للرأي العام، ولأجله تنظم التظاهرات، وحوله تعقد البرامج والندوات، وعلى الجانب الآخر من ذلك تُجهل ُحقائق حول ما أصاب رفح في ذلك اليوم، وابل من الصواريخ والقذائف كالمطر - حصدت 140 شهيدا - تساقطت على رؤوس المدنيين  الباحثين عن منازلهم وسط الركام.




بثت القناة الثانية عشر الاسرائيلية  يوم الخميس الماضي 17/1/2019 حلقة من البرنامج الاستقصائي الحقيقية "עובדה"، والذي تقدمه الصحفية " إيلانا ديان"، حيث جاء في فترة تشهد تنافساً انتخابياً حميماً، وكان يدور حديث الحلقة حول "هدارغولدين"، على الرغم من ان الحلقة قدمت معلومات جديدة للمشاهد على الأقل، إلا أنها لم تقدم جواباً واضحاً حول مصير هدار، وأبقت مستقبله محل نقاش دائم يتناوله المحللون والكُتاب ليل نهار.

بعيداً عن التفاصيل المتداولة بين الناس، عرض البرنامج مقاطع فيديو جديدة أو ان صح القول فإنها جديدة على المشاهد الاسرائيلي أو الفلسطيني على حد سواء، ومن هذه التفاصيل الجديدة :




أولاً: هنالك فترة زمنية ليست بالقصيرة بين تنفيذ عملية أسر الجندي " هدار " والتي تمت في تمام الساعة 7:30 صباحاً، وبين فقدانه في تمام الساعة 9:00 صباحاً؛ بمعنى أن المجموعة المنفذة أخذت الوقت الكافي للانسحاب من موقع العملية، اي قبل البدء بعملية القصف الجنونية للمكان.




ثانياً: نزل بعض أفراد وحدات جيش الاحتلال مثل "وحدة الهندسة للمهمات الخاصة" و " عوكتس " داخل النفق على التوالي،بعد رشه بالغاز، وكانوا مزودين بمسدسات وكاميرات بهدف تصوير كل ما يوجد داخل النفق؛ حيث كان دخول الوحدة في وقت متأخر من تنفيذ العملية.




ثالثاً: تطرق البرنامج الى أن النفق الذي استخدم في العملية كان ذا مسافة ويحتوي على أنفاق فرعية، لذلك كانت التقديرات الإمنية أن تشير الى أن المجموعة المنفذة لا زالت داخل النفق، وفي رواية أخرى أنهم استشهدوا داخل النفق حين قصفه بالطائرات.




رابعاً: ذكر البرنامج بأنه وفي تمام الساعة 3:30 مساءً بأن عناصر المجموعة تم اخلائهم من مخرج النفق عن طريق اسعاف، وتم ادخل مصاب يعتقد انه " هدار " الى مستشفى ابو يوسف النجار في المدينة، وعرض البرنامج مقطعاً من اتصال معدة ومقدمة البرنامج الصحفية مع احد الاطباء في غزة، وسألته عن حادثة احضار هدار للمشفى، فاجاب " لا استطيع ان اقول شيء "، وهذا ما أكده ايضاً ضابط في جهاز " أمان " الذي ظهر في البرنامج وأضاف بانهم قد رصدوا مكالمة لعناصر من القسام كان قد قيل فيها " أكملت المهمة ".




ومن الممكن ان نقدم تحليلاً لبعض المقاطع الهامة التي وردت في الحلقة، وهي على النحو التالي:

أولاً: كان الجيش يبحث عن دليل على مقتل "هدار" وليس عنه بشكل رئيس، لكنه لا اعتقد بان ذلك سيترك اثر لان الناخب اليوم بات متعلق بالشخصيات اكثر من الايدولوجيا والافعال والانجازات، الا ان الاحزاب التي في مواجهة نتنياهو ستتخذ منه مادة دعائية مضادة.




ثانياً: مشاهد دخول الجيش للنفق، هدفها تعزيز هيبة الجيش واظهار قدراته وكما قلت بان الجيش يقف خلف قيادته وحكومته، واراد البرنامج ان يقدم ايضاً صورة للمشاهد الاسرائيلي بأن الجيش ومن يقف خلفه من قيادة وحكومة لم يتوانى لحظة واحدة في بذل المستطاع من أجل العثورعلى هدار، فمن المعلوم أن مهمات كهذه تحتاج موافقة من أعلى المستويات في الدولة.




ثالثاً: حكومة الاحتلال منذ عام 2014 اي ما بعد الحرب استطاعت ان تهيمن على عوائل الجنود وتتحكم في نشاطاتهم وتصريحاتهم استطاعت لفترة طويلة ان تقنع الجمهور الاسرائيلي بان الجنود اموات، وبالتالي ما لم يكن هنالك حراك شعبي حقيقي وقوي لن يؤثر على الاطلاق، حتى ان الاعلام يستخدم لفظة " زخرونو لبرخا "  - بمعنى رحمه الله - بعد ذكر الجنود، حيث اعلن الحاخام الجيش مقتل الجنود وتم أجرء مراسم الدفن بناء على أمر الحكومة وليس سند طبي، وذلك بخلاف كل التقارير والقرائن حتى لا تنعقد صفقة أسرى في زمان حكمه ان صح لنا القول.




خامساً: كما أن حكومة الاحتلال على قناعة شبه مؤكدة بان هدار حي من خلال بغض التلميحات التي اشارت لها فيديوهات القسام سابقاً او من خلال ما اتضح من التحقيقات.




سادساً: من الملاحظ في الاونة الاخيرة أنه باتت تتشكل قناعات لدى العوائل بان الجنود احياء وذلك بعد تصريحات المقاومة الممتالية في هذا الشأن، وبالتالي اعتقد بان البرنامج اراد ان يوصل رسالة للجمهور الاسرائيلي بان هدار جولدين على قيد الحياة، في محاولة لاقناع الجمهور وتقريب وتغيير الصورة لتقبل هذا الاحتمال، خاصة في ظل عدم الكشف عن جهود تقوم بها سلطات الاحتلال في هذا الشأن، وتوالي اتهامات العوائل بأن الحكومة الإسرائيلية مقصرة في ذلك.