هل أوقف رابين مسيرة الاستيطان، وهل نوى الالتزام باوسلو؟!
عماد أبو عواد
01-12-2020
كتب: عماد أبو عوّاد
في ظل سياسة السلطة الفلسطينية والتي اعتمدت منذ ما يزيد عن العقدين من الزمن، على محاولة بناء آمال على تيار "إسرائيلي" دون الآخر، مقسمةً المجتمع الصهيوني إلى تيارين، الأول مؤمن بالسلام، والآخر يميني مؤمن بالاستيطان. رافعةً سقف التوقعات خلال حكم الوسط في "إسرائيل" بقيادة حزب العمل، وخافضةً إيّاه زمن حكم الليكود، والذي ترأس غالبية الحكومات منذ توقيع اتفاق أوسلو في العام 1993.
سياسة عمل السلطة هذه، والتي بُنيت بغالبيتها على ردّات فعل محدودة، دون اتخاذ خطوات جوهرية على الأرض، لم يكن لها أي انعكاسات سوى سلبية على القضية الفلسطينية، فهي من الجانب الأول بُنيت على انتظار التغيير في "إسرائيل"، ومن الجانب الآخر لم تستطع استيعاب ألّا فروقات جوهرية بين التيارات الصهيونية المُختلفة في التعامل مع القضية الفلسطينية، سوى أسلوب التعبير عن المضمون.
خلال 27 عاماً من التفاوض ما بين السلطة والاحتلال، كان هُناك مؤشرات تؤكد الاتفاق الداخلي الصهيوني على عدّة قضايا:
- يُمنع إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967.
- الاستيطان في الضفة الغربية، ضامن لأمن "إسرائيل"، وخيار لحل مشكلة الاكتظاظ السكاني.
- يُمنح للفلسطينيين بالحد الأبعد حُكم ذاتي في مناطق منزوعة السلاح.
- التبعية الاقتصادية والأمنية يجب أن تبقى للاحتلال.
- الفكر المُقاوم والمقاومة، يجب تجفيف منابعه لدى الفلسطينيين.
رئيس وزراء الاحتلال إبّان توقيع اتفاق أوسلو إسحاق رابين، والذي نال إلى جانب الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، جائزة نوبل للسلام إثرَ توقيع الاتفاق، ورغم الزخم الإعلامي الكبير والبدء بالتطبيق على الأرض، لم يكن بنيته الاستمرار في تطبيق الاتفاق، حيث أنّ اغتياله ليس السبب المُباشر في تغيير المزاج العام العبري.
حيث وفق جاك نيريا، مستشار رابين ورجا اسراره، رابين لم يكن ينوي الاستمرار في اتفاق أوسلو كما تم التوقيع عليه، وأضاف نيريا " رابين لم يستطيع التراجع بعد أن وقع على الاتفاق، والذي جُرّ اليه من قبل شمعون بيريس، لكن كان ينوي وضع عراقيل وكوابح"[1]، وأضاف نيريا، أنّ رابين وقيادة "إسرائيل" كانت تؤمن بأنّ عرفات كذلك لم يكن رجل سلام، وعشية مقتل رابين كان من الواضح بأنّه ينوي الانسحاب من الاتفاق، في ظل تصاعد عمليات المقاومة، بل وقال لمقربيه، سنستمر في محاربة "الإرهاب" كاّنّه لا يوجد اتفق سلام، ونستمر في الاتفاق كأنّه لا "إرهاب"[2].
نية رابين بعدم الالتزام بما تم التوقيع عليه، لم تكن سرّاً، بل كانت قناعة مترسخة حتى لدى منافسيه في اليمين الصهيوني، وقد ورد ذلك على لسان ارئيل شارون، رئيس الوزراء الأسبق في الكيان، والذي قال بأنّ رابين لم يكن سيستمر في اتفاق أوسلو، لأنّه أدرك من البداية بأنّ ذلك خديعة[3]، في إشارة واضحة بأنّ أوسلو كان مسيرة لها بداية، لكن معالم نهايتها غير واضحة.
وما يؤكد توجهات رابين، وتيرة البناء الصهيوني الاستيطاني، ما بين الأعوام 1993 إلى العام 1995 وتحديداً عشية مقتل إسحاق رابين، ورغم أنّها كانت أقل نشاطاً من السنوات السابقة، لكنّها كانت من الأكثر نشاطاً مقارنة بالسنوات التي تلتها[4]، حيث يرى الدكتور شري اهروني، أنّ السلطة و"إسرائيل" أجلتا قضايا الحلّ النهائي، الأمر الذي انعكس سلباً، حيث لم تستطع السلطة إيقاف العلميات، ولم توقف "إسرائيل" تسارع عملية الاستيطان[5].
حيث وفق حجيت عوفرون، فإنّ الازدهار الكبير في المستوطنات يأتي بفضل شبكة الطرق والبنية التحتية، التي قامت حكومة رابين ببنائها[6]، والتي يرى المستوطنون الصهاينة بأنّها لم ترَ التطور المطلوب منذ عهد رابين.
بالمجمل يُمكن القول بأنّ رابين، جُرّ إلى اتفاق أوسلو، وكان وفق آدم راز متخوفاً من حراك احتجاجي داخل حزب العمل، قد يُفضي إلى ازاحته من رئاسة الحكومة[7]، الأمر الذي يعني بأنّ رابين ذهب مدفوعاً نحو الاتفاق، وكان يُفكر بوضع العراقيل من البداية، لمنع الوصول إلى تطبيق بنود الاتفاق كما جاءت.
[1] ريبونوت. 16.03.2017. ماذا في الحقيقة اعتقد رابين عن اتفاق أوسلو. http://ribonut.co.il/BlogPostID.aspx?BlogPostId=81&lang=1
[2] نفس المرجع السابق.
[3] ارئيل شارون: اتفاق أوسلو كان خديعة، رابين لم يكن سيستمر فيه. https://www.youtube.com/watch?v=mgtIDs2Nba4&list=LLg3x_pG8dNtM8buJdVR1Itg&index=1141&ab_channel=%D7%A0%D7%A8%D7%99%D7%90%D7%91%D7%A0%D7%A8%D7%99
[4] شلوم عخشاف. (2013). 20 عام على اتفاقية أوسلو. شلوم عخشاف. https://peace.tau.ac.il/sites/peace.tau.ac.il/files/media_server/peace/PDF/books/oslo20.pdf
[5] نفس المرجع السابق.
[6] جيت عوفرون. 30.10.2020. المستوطنات تزدهر، والشكر لشبكة طرق رابين. https://www.ynet.co.il/news/article/r1nTD8tOw
[7] ادام راز. (2012). جبهات متناقضة، التشريح الغريب لقرار رابين بشأن أوسلو. https://in.bgu.ac.il/bgi/israelis/DocLib/Pages/2012/%D7%90%D7%93%D7%9D-%D7%A8%D7%96.pdf