هل تفلح "كاسر الأمواج الإسرائيلية" في منع التسونامي الفلسطيني؟

آدم عبد العزيز
18-04-2022
تحميل المادة بصيغة PDF

رأي

هل تفلح "كاسر الأمواج الإسرائيلية" في منع التسونامي الفلسطيني؟

آدم عبد العزيز

أطلقت إسرائيل اسم (كاسر الأمواج) على العملية العسكرية والأمنية التي أطلقتها في إجراء وقائي وعلاج موضعي لمنع ما أسمته موجة العمليات الفلسطينية الآخذة بالازدياد خلال الفترة الماضية.

جاءت هذه العملية بعد العملية التي نفذها الشهيد ضياء حمارشة من بلدة يعبد في حي بني براك قرب "تل أبيب"، والتي سبقتها عمليتان في الخضيرة وبئر السبع مما أدى إلى مقتل أكثر من 11 إسرائيليًا خلال أسبوع، كما تلتها عملية رعد فتحي، من مخيم جنين، والتي نفذها في شارع ديرنغوف في "تل أبيب".

تناقش هذه الورقة احتياج "إسرائيل" لهذه العملية، وأسباب موجة العمليات الفلسطينية وعوامل نجاح أو فشل هذه العملية والسيناريو هات المتوقعة.

هل فعلاً "إسرائيل" بحاجة لهذه العملية من ناحية عملياتية أم أنها تأتي من باب الدعاية للجمهور الإسرائيلي ؟

أثبتت التحركات السياسية خلال الشهرين الماضيين من زيارات لواشنطن وعمان والقاهرة أن "إسرائيل" مأزومة وأنها تتوقع أحداثًا مشابهة لـ (سيف القدس) التي حصلت في أيار/ مايو من العام الماضي من ناحية تعدد جبهات المواجهة وانخراط الشعب الفلسطيني في كافة أماكنه في هذه الأحداث.

توقع هذه الأحداث جاء من نوايا إسرائيلة مبيتة لإطلاق يد المتدينين الصهاينة والمستوطنين في الضفة والقدس لتنفيذ اعتداءات واقتحامات بحق المسجد الأقصى خلال فترة الأعياد اليهودية في شهر نيسان/ إبريل والتي تتزامن مع شهر رمضان المبارك لهذا العام.

هذا النوايا جعلت الحكومة الإسرائيلية تمارس ضغوطًا سياسية في محاولة منها لإسكات صوت الشعب الفلسطيني بدلاً من كبح اعتداءات المستوطنين.

الأمر الآخر الدافع لعملية كهذه هو انخفاض الشعور بالأمن الشخصي لدى المواطن إلاسرائيلي، فقد أظهرت آخر استطلاعات الرأي أن أربعة من بين عشرة إسرائيليين لا يشعرون بالأمن.

ما هي أسباب الارتفاع في عدد العمليات الفلسطينية؟

تظهر إحصائيات جهاز الشاباك والجيش الإسرائيلي ارتفاعا ملحوظًا في عدد العمليات الفلسطينية في الربع الأول من هذا العام مقارنة بالعام الماضي، وهي تأتي بوتيرة متصاعدة منذ معركة سيف القدس.

وبالإضافة إلى اتصالها بمعركة سيف القدس، فإنّ هناك عوامل أذكت نار الثورة وساهمت في نضوج الوعي الثوري خاصة لدى فئة الشباب الفلسطيني، فما هي هذه العوامل؟

أولا ً: معركة سيف القدس وانخراط الجبهات الفلسطينية الأربعة في هذه المعركة، زاد من إيمان الفلسطينيين بقدرتهم على تحقيق النصر وجعلتهم يرون أن النصر أمر واقع، بعد أن كان هدف الفلسطيني سابقًا من المقاومة هو رد العدوان وإبقاء جذوة الصراع مشتعلة وعدم الاستسلام . كم جاء على لسان كثير من قادة الفصائل سابقًا.

ثانيًا: سلوك الصهيونية الدينية في الضفة الغربية والقدس من استيطان واقتحامات للمسجد الأقصى والاعتداءات على القرى الفلسطينية والشوارع.

الحكومة الضعيفة صاحبة الائتلاف الحكومي الضيق لا تستطيع منع المستوطنين من إغلاق شارع أمام الفلسطينيين، وترسل الجيش لحمايتهم وهي تعرف أن سلوكهم سيقود إلى التصعيد لكنها لا تمنعهم لأن عيونها على صندوق الاقتراع.

هذا السلوك العدواني أدى إلى تأجيج الغضب الفلسطيني وساهم في حدوث موجة العمليات، لأن قضية القدس والأقصى يتوحد خلفها كل الفلسطينين والعرب، والمساس بها يمس بعقيدة المسلمين.

ثالثًا: اقتحام المدن والقرى والمخيمات مما أدى إلى سقوط الشهداء والجرحى وتنفيذ عمليات اغتيال في نابلس وجنين وطوباس مما جلب رد فعل فلسطيني على أحداث كان ممكن للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية تجنبها.

رابعًا: غياب الأفق السياسي وأي أمل بحل الصراع بالطرق السلمية مما يدفع الفلسطيني إلى خيار المقاومة لعله يحقق به ما عجزت عن تحقيقه المفاوضات على مدار الثلاثين عامًا الماضية.

خامسًا: مشهد العنصرية والتمييز وسياسيات التهجير التي تمارس ضد فلسطينيي 48،  يدفع فلسطينيين الـ 48 للقيام بعمليات المقاومة.

عوامل نجاح أو فشل هذه الحملة

عوامل فشل العملية ونقاط قوة المقاومة

أولاً: أن هذه الحملة لا تعالج بواعث الغضب الفلسطيني بل على العكس، هناك إصرار على استمرار الإجراءات التي ترفع مستوى اللهب.

بالعادة لا تفلح الحلول الأمنية والعسكرية وحدها في القضاء على الثورات ذات البعد القومي بدون خطوات سياسية موازية.

ثانيًا: العمل الفردي

عمليات المقاومة الحالية ذات طابع فردي. خطة المقاوم وأفكاره داخل رأسه لا يعلم عنها أحد. ولم تخرج هذه العمليات من بنية تنظيمية.

فبالتالي لا يوجد هدف لضربه، وإنما تبقى هذه العمليات التي تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي قائمة على الظن وكما قال أحد الضباط الإسرائيين أنهم يراقبون كل مكالمة وكل منشور لمحاولة فهم نوايا الشباب الفلسطيني.

إضافة إلى أن العمليات التي خرجت من الداخل الفلسطيني من الصعوبة بمكان احتواؤها أو توقعها فضلاً عن معرفي فلسطينيين الـ 48 نقاط ضعف الاحتلال.

ثالثًا: لا تستطيع قوات الجيش الإسرائيلي البقاء منتشرة على طول جدار الفصل لأن هذا يؤثر على جهوزية هذه القوات وتدريباتها.

رابعًا: ما يمنع "إسرائيل" حاليًا من تنفيذ اجتياح واسع لمخيم جنين هو خوفها من حصول مواجهة مع قطاع غزة.

وبالتالي الغطاء الذي توفره المقاومة في القطاع يعطي قوة للمقاومة في الضفة الغربية.

عوامل نجاح عملية كاسر الأمواج

تعمل لصالح "إسرائيل" عدة عوامل في هذه الفترة وأهمها:

أولاً: غياب البنية التنظيمية للفصائل في الضفة الغربية والتي تعرضت للمحاربة منذ عام 2007.

هذه البنية التنظيمية مهمة لحشد الشارع الفلسطيني وتوفير الحاضنة للعمل المقاوم.

بالرغم من أن الفصائل الفلسطينية تحاول بين كل فترة وأخرى تجنيد خلايا لها وكان آخرها خلية الجهاد الإسلامي التي نفذت عملية حومش، إلا أن  غياب العمل التنظيمي الذي يحمي ظهر المقاوم ويوفر له المأوى ويسعى لتجنيد مقاومين جدد له أهمية كبيرة في ديمومة العمل المقاوم.

ثانيًا: الانقسام الفلسطيني وغياب قيادة وطنية موحدة تعمل على بناء إجماع وطني على برنامج المقاومة.

هذا الإجماع الوطني يحفز الجماهير على المشاركة في التحركات الشعبية ويطوي صفحة الانقسام التي أثرت في الوعي الفلسطيني وأدت إلى تراجع المقاومة على سلم اهتمامات المواطن الفلسطيني.

ثالثًا: حلقة  السلام الاقتصادي التي يدور فيها المواطن الفلسطيني بشكل يومي والتي أدخلته في سباق مع الزمن لتحقيق متطلبات العيش وجعلت عليه من الصعب الخروج منها والمشاركة في أي عمل مقاوم مهما صغر.

تحاول "إسرائيل" في عمليتها الحالية الموازنة بين العمل الأمني والعسكري من جهة مع عدم تعطيل العجلة الاقتصادية في الضفة الغربية من جهة أخرى حتى لا يؤدي ذلك إلى انخراط شريحة أوسع من الشعب الفلسطيني في أعمال المقاومة.

أخيرًا السيناريوهات المتوقعة

أولاً: أن تستمر هذه العملية بنفس الوتيرة الحالية بهجمات محدودة على المدن والقرى الفلسطينية مع بقاء الفلسطينيين في حالة دفاع عن النفس لعدة شهور. مما يؤدي إلى تحقيق "إسرائيل" بعض أهداف العملية.

ثانيًا: أن تحصل أحداث جسيمة مثل سقوط أعداد كبيرة من الشهداء أو أن تنفذ المقاومة الفلسطينية عمليات كبرى أو أن ينفذ اليمين المتطرف تهديداته باقتحام الأقصى مما يؤدي إلى تدحرج الأمور إلى مواجهة شاملة في الضفة وغزة و48.

المواد المنشورة في موقع مركز القدس تعبّر عن آراء أصحابها، وقد لا تعبّر بالضرورة عن رأي المركز.