هل خسر اليمين الصهيوني، ومن سيشكل الحكومة المقبلة؟

عماد أبو عواد
21-09-2019



عماد أبو عوّاد\ مدير مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني

انتهت الانتخابات الإسرائيلية، لم يحقق نتنياهو الـ 60 مقعداً من دون ليبرمان، ولم يُحقق ما يُعرف بالمركز واليسار وحتى مع ليبرمان ما يوازي عدد مقاعد اليمين، فقد حقق اليمين 55 مقعدا، فيما حقق حزب ازرق ابيض، والعمل والمعسكر الديمقراطي مجتمعين 44 مقعداً، وبيضة القبان كما يصف نفسه افيجدور ليبرمان ثمانية مقاعد، فيما للعرب كان ثلاثة عشر مقعداً.

صحيح لم تُشكل النتيجة احتفالاً لليمين، لكنّها لم تُشكل في ذات الوقت انتصاراً للمعسكر واليسار إن صحت التسمية، فحتى حزب ازرق ابيض هو يميني خالص. إذا ما هي الصورة التي انبثقت عن هذه النتيجة؟، ما هي السيناريوهات المتوقعة؟، وما الذي ترتب على هذه النتيجة؟.

الصورة الحالية الآن، هي جمود كبير، فمن جانب اليمين لن يستطيع تشكيل الحكومة وفق اهوائه، ومن جانب آخر حظوظ المركز في تشكيلها أقل، وممكن تفصيل ذلك من خلال الإجابة عن التساؤلات التالية:

أولاً: لماذا لم يخسر اليمين خسارة واضحة؟

الحديث عن خسارة اليمين قد يكون صحيحاً، إذا ما قلنا لقد تراجع اليمين، لكن أي يمين؟، اليمين الديني القومي، والذي لم يحصل سوى على 4 مقاعد من أصل 7 في توليفة حزب يمينا، لكن بالمجمل العام تراجع يمين نتنياهو بمقعدين على الأقل، حيث حصل ليبرمان على 8 مقاعد، وبالتالي كل اليمين على 63 مقعداً، بعد أن كان 65 في الجولة القادمة، مع الانتباه أنّ عدد الأصوات التي فقدها اليمين أكثر من 200 ألف، حيث تراجع الحزب الحاكم الليكود بواقع 20 ألف صوت.

ماذا خسر اليمين؟، بشكل واضح خسر اليمين إمكانية تشكيل حكومة دينية، تمنح نتنياهو الحصانة دون محاكمة، الأمر الذي بات الآن من الواضح، حتى لو عاد نتنياهو إلى رئاسة الوزراء وهو المرجح في البداية، فإنّ رقبته أمام المحاكم لن تكون محمية.

هذه القضية مما لا شك فيه ستقود إلى صراع داخلي الآن حيال هوية الدولة، حيث يرفض الحريديم قانون التجنيد، ويصرون على احترام قدسية السبت، والتحكم بالزواج وقضية التهوّد، وهذا الآن سيكون محور الصراع في الداخل، هل سيبقى كسر العظم حتى اللحظة الأخيرة، أم سيكون هناك نوع من حلول الوسط.

ثانياً: هل يستطيع اليمين تشكيل حكومة منفرداً؟

بشكل منطقي نعم يستطيع اليمين إذا عاد ليبرمان، حيث سيُصبح لليمين 63 مقعدا وهي كافية لتشكيل حكومة يمينية، ولربما في اللحظات الأخيرة يستطيع نتنياهو تشكيل الحكومة بالتحالف مع حزب العمل مثلاُ، أو ربما العمل على تقسيم حزب أزرق ابيض المكون من ثلاث أحزاب مختلفة، أو التحالف بين اليمين ككل وحزب جانتس على أن يكون هناك تناوب على رئاسة الحكومة.




ثالثاً: هل سيكون جانتس رئيساً للحكومة المقبلة؟

هذا السيناريو وارد، وإن كان أقل ترجيحاً من تزعم نتنياهو للحكومة المقبلة، حيث بإمكان جانتس أن يتحالف مع ليبرمان، بشرط أن تُشكل القائمة العربية المشتركة له جسماً مانعاً، بمعنى أن تصوت لصالح الحكومة، وهذا الأمر مستبعد وحتى مرفوض من قبل ليبرمان وربما جانتس نفسه، وعلى الأرجح لدى غالبية أعضاء القائمة العربية المشتركة.

سيناريو آخر يبدو صعب في هذه المرحلة، أن يستطيع جانتس تفكيك تكتل اليمين، أو ربما اليمين نفسه، لكن السؤال، هل سيقبل أن يمنح الحريديم ما يريدون، وماذا عن موقف ليبرمان الرافض كلّيا للحريديم؟، كما أنّ لبيد رقم 2 في حزب أزرق أبيض لا يقل عدائية للحريديم من ليبرمان، الأمر الذي يجعل هذا السيناريو صعب التحقق، لكن ليس مستحيلاً.

رابعاً: ماذا عن محاكمة نتنياهو وكيف ستؤثر عليه إن كان رئيسا للحكومة؟

وفق القانون الإسرائيلي يستطيع أن يشغل منصب رئيس الوزراء من لديه لائحة اتهام، عُرفياً عليه الاستقالة لكن القانون لا يلزمه ذلك، هذا الأمر يمنح نتنياهو المزيد من المناورة وربما التشبث بالمنصب كي لا يُحاكم سريعا، علّه يصل بعد سنوات إلى صفقة معينة تُنجيه من السجن.

لكن السؤال، هل سيقبل أعضاء الحكومة أن يكون رئيس وزراءهم يُحاكم، المرجح أنّ ذلك سيكون، حيث هناك من طالب نتنياهو بالاستقالة منذ أن بُدء التحقيق معه، ثم تراجعوا لحين لائحة الاتهام، والآن في الغالب لن يكون لديهم مشكلة أن يبقى لحين أن تُقرر المحكمة مصيره.

ختاماً، الصورة معقدة وفرصة تشكيل نتنياهو الحكومة كبيرة، وانتخابات ثالثة أمر وارد في ظل هذا الانقسام الكبير وعدم تسجيل أي طرف نصر واضح في الانتخابات، وفي ظل حجم التجاذب الكبير داخل المجتمع الصهيوني، فإنّ القيم والأعراف تغيب لصالح الفئة الضيقة وليس المجموع.