هل ستؤدي الطائرات الورقية الى الحرب؟

ياسر مناع
14-07-2018
ترجمة : ياسر مناع – مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني

كتب الصحفي والخبير العسكري رون بن يشاي في الموقع الإلكتروني لصحيفة يديعوت احرنوت مقالاً تحت عنوان  " كيف يمكن أن تؤدي البالونات الحارقة والطائرات الورقية إلى الحرب؟"، حيث افتتح بن يشاي المقال بقوله: (لا تريد "إسرائيل" ولا حماس جولة أخرى من القتال في غزة، فلماذا إذن تزداد فرص اندلاع حرب؟)

وأضاف بأن حماس تعتقد بالخطأ أن البالونات الحارقة تمنحها نصرًا نفسيًا على سكان "إسرائيل" – على حد زعمه - ، وأنه يجب على إسرائيل أن تجعل الفلسطينيين يدركون أن مثل هذه الأفعال لا فائدة لها، حيث إن حماس و "إسرائيل" غير مهتمين بتصعيد قد يؤدي إلى حرب كبرى أخرى في غزة، وأن لدى كلاً من الطرفين مصلحة واضحة في عدم الشروع في جولة أخرى من الإصابات والقتل في قطاع غزة، تعرف حماس أنها ستتعرض للضرب عسكرياً وقد تفقد السيطرة على قطاع غزة نتيجة لجولة أخرى من القتال، و تعرف "إسرائيل" أن حرباً أخرى في القطاع - على الرغم من أن الجيش أكثر استعداداً له من أي وقت مضى- ستكون  حرباً يخسر فيها حتى المنتصر.

والسؤال المطروح هنا: إذا كانت حماس وإسرائيل تريدان منع حرب كبيرة، فلماذا يقول تقييم الاستخبارات الإسرائيلية أن فرص الحرب في الجنوب زادت في الآونة الأخيرة بشكل كبير؟، قد يكون السبب في ذلك هو البالونات الحارقة، على نحو أدق فإن الاستنتاج الذي توصلت إليه حماس بأن البالون الحارق كان له تأثير نفسي هائل على الإسرائيليين، لدرجة أنه يمكن أن يفرغ النقب الغربي لمعظم سكانه، وإن كل إسرائيلي سواء كان مقيماً في الجنوب أم لا، يعرف أن هذا هراء، وأنه لم يغادر أي مستوطن إسرائيلي منزله في منطقة غلاف غزة أو في النقب بشكل عام، بسبب النيران التي تسببها البالونات الحارقة.

ومع ذلك، تشير المعلومات التي تم التحقق منها حول نوايا حماس وخططها، والتي جمعتها المخابرات الإسرائيلية واستناداً إلى تعليقات مسؤوليها في وسائل الإعلام والرأي العام والرأي السياسي في إسرائيل، الى أن البالون الحارق من المحتمل أن يحقق الإنفجار، بعد فشل إطلاق النار والصواريخ وقذائف الهاون.

ويعتقد الإسلاميون بأن البالونات الحارقة والطائرات الورقية هي "الرصاصة الفضية" التي ستؤدي إلى استسلام السكان الإسرائيليين في الجنوب.

وفي الأسابيع الأخيرة كان هناك انخفاض في حجم المساحات المحروقة وذلك بعد التدابير التي اتخذها الجيش للحد من عدد الطائرات الورقية الحارقة التي تعبر الحدود – حسب رأي الكاتب -، وأوضح بأن من بين هذه التدابير طائرات بدون طيار تقطع خيوط الطائرة الورقية وتعترضها، والعديد من الشركات التي نشرها الجيش على حدود غزة لإلقاء الضوء على الطائرات الورقية، وإخماد الحرائق بسرعة،  وقد ساعدت خمس من هذه الشركات في جعل المناطق المحروقة أصغر بكثير مما كان.

وهكذا ، فإن المنطقة التي دمرتها الحرائق آخذة في التناقص، والمشكلة الرئيسية في الوقت الراهن هي البالونات الحارقة التي تطير من داخل قطاع غزة، هذه البالونات يمكن أن تطير على ارتفاع أكثر من كيلومتر، ومن ثم يصعب رؤيتها بالعين المجردة قبل أن تهبط وتشعل النار، وإن الجيش بالفعل في طور تطوير إجراءات متقدمة تساعد في نهاية المطاف على حل هذه المشكلة - تماماً كما تمكنوا من التغلب على الطائرات الورقية الحارقة.

لكن ما يشجع حماس هو النجاح النفسي فهي تنجح في تقديم صورة خاطئة إلى العالم يحاول فيه سكان غزة الخاضعين والمضطهدين، كسر الحصار الإسرائيلي بالخطوة الرمزية المتمثلة في حرق الحقول في المجتمعات الإسرائيلية القريبة من الحدود.

لكن ما الذي يجعل حماس تواصل فعلاً العمل المنهجي المتعمد والمنظم هو استنتاجها أنها تستطيع بالحرب النفسية أن تحقق ما لم تحققه حتى الآن في القتال، يمكن القول أن هذا هو ميدان المعركة الأول الذي يواجه فيه الجيش حرباً نفسية واضحة، ليس لها أي جانب عسكري، سيكتب المؤرخون العسكريون بلا شك جبالًا من الأبحاث والتعليقات حولها، لكن يجب أن يجد الجيش حلاً حقيقياً للإرهاب البالون الآن.

قد لا يكون لدى الجيش أي خيار سوى استهداف مطلقي البالونات

معضلة الجيش واضحة، ويجب أن يكون الرد على البالونات الحارقة مزعجاً، لأن وسائل الإعلام والمجتمع الدولي لن يقبلان التفهم ولا يعتبران قتل الأطفال الذين يطلقون الطائرات الورقية والبالونات والتي تسبب بعض الحرائق في الحقول بالقرب من قطاع غزة أنها دفاعاً عن النفس بل يرونها غير أخلاقية.

وهناك عقبة أخرى تفرضها دولة إسرائيل والجيش من أجل وقف الطائرات الورقية الحارقة والبالون  الحارق هي القيود المفروضة على نقل مواد البناء والسلع الأخرى إلى قطاع غزة - باستثناء الغذاء والدواء.

وهناك أيضاً قيود على مناطق الصيد قبالة ساحل غزة، ولدى الجيش قائمة طويلة من العقوبات الاقتصادية الإضافية التي من شأنها أن تؤدي المزيد والمزيد من الغضب بين سكان غزة ضد نظام حماس،

وتم تقديم من خلال الوسطاء المصريين ومبعوث الأمم المتحدة نيكولاي ملادينوف - عرض مغري وفوائد اقتصادية فورية ، مثل تحسين نوعية المياه في قطاع غزة وزيادة كمية الكهرباء التي يتلقاها القطاع بشكل كبير، بمعنى أن " إسرائيل " مستعدة لإعطاء حماس الحوافز الاقتصادية المباشرة مقابل وقف كامل للإرهاب والكرة البالونية.

ويرى الكاتب حسب الجيش بأن " إسرائيل "  لها مصلحة واضحة في تحسين الوضع الإنساني لسكان غزة والتخفيف من معاناتهم وعلى المدى البعيد فإن " إسرائيل " مستعدة للمشاركة في إعادة تأهيل وتطوير قطاع غزة من أجل ، ولكن طالما استمر الإرهاب والإرهاق البالوني – كما يقول -، فإن القيادة السياسية لا تريد ولا يمكن أن توافق على تخفيف هذه القيود.

وأضاف بن يشاي خاتماً المقال بنقله عن مسؤولين إسرائيليين بأنه إذا أظهرت حماس حسن النية في وقف العمليات والبالونات الحارقة، والتوصل إلى اتفاق بشأن إعادة الجنود الأسرى لدة حماس فإن " إسرائيل " قد تطلب من الرئيس الأمريكي ترامب تحويل أموال المساعدات التي قطعها من ميزانية الأونروا، لكن في الوقت الراهن لا تزال المشكلة قائمة.