هل هناك حرب قادمة بين إسرائيل وايران ؟
ياسر مناع
08-05-2018
كتب: ياسر منّاع
منذ عقود تشهد العلاقات الدولية مع إيران بشأن مشروعها النووي حالة بين المد والجزر ولاسيما مع "إسرائيل" التي ترى فيها العدو الأخطر أو المنافس الأقوى في الشرق الأوسط، وشكل الإتفاق النووي الدولي خيبة أمل كبرى لـ "إسرائيل" في ظل عهد الرئيس السابق أوباما، مع تولي دونالد ترامب سدة الحكم تبددت الخيبة ووجدت فيه الأمل المنشود في إلغاء الإتفاق، أو التعديل عليه وفق ما يتناسب مع رؤيتها، كان من الواضح جداً وخلال الأيام الماضية سلسلة عمليات الإستهداف المنظمة بنوعيها الإعلامي والعسكري من قبل المحور "الاسرائيلي -الأمريكي -الأوروبي" ضد إيران وحلفائها في سوريا مضافاً إليه ما قدمه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من معلومات حول سعي ايران الدائم لإمتلاك السلاح النووي، حتى في ذروة الإتفاق الدولي وذلك خلال مؤتمر عقده في مقر وزارة الدفاع قبل إيام.
والسؤال في هذا المقام هل تشكل هذه الأحداث مقدمة لــ "حرب الجبابرة" كما سميت، أم أنه ومع كل تلك الأحداث الجارية والمتغيرات في المنطقة لازالت احتمالية نشوب حرب بعيدة نوعاً ما عن الواقع قريبة في أذهان المحللين والمراقبين وخصوصاً بعد الولاء الخليجي المطلق لرئيس ترامب؟.
كان اسقاط المقاتلة الإسرائيلية حدثاً لافتاً وأعتبر عاملاً في تسريع أي مواجهه جديدة، ولكن الحدث الأخطر والأهم كان في الهجوم الجوي الإسرائيلى على قاعدة "تي فور" التى سقط فيها عدد من مقاتلي الحرس الثوري الإيراني، وتوعدت طهران بالرد على الهجوم الإسرائيلي الأول من نوعه على القوات الإيرانية فى سوريا.
ظل تأخر الرد الإيراني أو خشيتها من الرد محل جدل واسع في الأروقة الإعلامية، مع أن البعض استبعد وقوعه واعتبره ضرباً من ضروب الحرب الإعلامية الباردة بين الطرفين، والجدير بالذكر أن هناك عدة عوامل تحدد وتقيد السياسة الإيرانية في المنطقة بشكل عام وفي سوريا على وجه خاص، ومنها:
أولاً: تعلم ايران بأن أي معركة بينها وبين "إسرائيل" هي بمثابة فرصة حقيقية للتدخل الأمريكي المباشر لاستهدافها، سواء فوق أراضيها أو على الأراضي السورية وإنهاء حلمها النووي بالإضافة الى التهديدات التي تواجهها في الخليج التي تسعى لتقويض النفوذ وإسقاط وحليفيها الحوثي في اليمن و حزب الله في لبنان.
ثانياً : على ضوء ما ذكر سابقاً تخشى إيران أن تفقد بعض مكاسبها المتراكمة في سوريا، على الرغم من أن إيران لا تعرف بوجود أي قوة أو قاعدة عسكرية لها في سوريا كي لا تمنح "إسرائيل" ذريعة جديدة للمطالبة بعقوبات دولية أو مناقشة الأمر في مجلس الأمن بدعوى التهديد الوجودي "لإسرائيل".
ثالثاً : الوجود الروسي في قلب المعادلة السورية، والذي يشكل عاملاً مانعاً لأي حرب قد تحدث على المدى القريب، والذي يهدف الى ايجاد موطئ قدم دائم في حوض البحر المتوسّط وبذلك تكن قادرة على صياغة تحالفات إقليمية جديدة، والسيطرة على جزء من تصدير السلاح والطاقة، إذاً لن تسمح روسيا لأي أحد كان أن ينهي مصالحها في سوريا من خلال الحرب وإلا أن ذلك هوما تسعى إليه الولايات المتحدة.
رابعاً : الوضع الداخلي الإيراني حيث يعاني المجتمع الإيراني من تدهور حاد في مستويات معيشته وعدم استقرار الوضع الاقتصادي والاجتماعي، بالإضافة الى وجود بعض الخلافات والنزاعات الحدودية بينها وبين دول جوارها.
ضجت وسائل الاعلام الاسرائيلي أمس في الحديث عن خطة إيرانية انتقامية من "إسرائيل" على خلفية إستهداف جنودها، مع أن ارتفاع وتيرة الهجمات ضد القواعد الإيرانية قام على تقدير بأنها لن ترد ، فهل من الممكن أن تفعلها طهران ؟.
بالتأكيد لن تبقى إيران مكتوفة الأيدي ولن تنجرالى حرب شاملة فمن الممكن أن تسير وفق مبدأ "ضربة مقابل ضربة" فقد تلجأ الى خيار العمليات تفجيرية على الحدود السورية مع أن هذا لا يليق بدولة تعتبر ذاتها قوة إقليمية ، وهناك احتمالية الرد من بوابة خلفية عبر تنفيذ عمليات إغتيال لبعض الشخصيات الإسرائيلية في الخارج أو تفجير بعض الكنس والسفارات "الإسرائيلية" في عدة عواصم من العالم، ولكن الأمر مستبعد في ظل وضعها الدولي الغير متزن فهي لا تريد أن تضيف عدواً علنياً الى قائمتها.
يمثل عدول أمريكا عن الانسحاب من الاتفاق النووي سبباً مساعداً في الحد من الحرب الباردة بين الدولتين وهذا ما تسعى إاليه الدول الأوروبية وروسيا والصين.
أما فيما يتعلق " بحرب الحلفاء " فمن الواضح أن هذا خيار غير موجود أصلاً، فلا أحد يخوض حرباً بالنيابة عن أحد، فمن المعلوم أن حزب الله يأتمر بأوامر ايران لكن هو الاخر لديه موازنات داخلية وارتفاع وتيرة التأثير الخليجي في الساحة السياسية اللبنانية، ولاسيما عقب فوزه في الإنتخابات اللبنانية الأخيرة.
ومن الجدير ذكره بأن شخصيات وزانة داخل "اسرائيل" حذرت من خطورة الإنسحاب من الاتفاق النووي في هذه الفترة، حيث أكدت دراسة لمعهد أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب بأنه من الخطأ الآن التفكير بإلغاء الإتفاق لأنه يحتوي على مخاطر إستراتيجية، ووصفت الاتفاق بالجيد لأنه أفضل من البدائل الأخرى ذات العواقب الوخيمة ودعت الدراسة الى تأسيس استراتيجية مناسبة تهدف لإلغاء الاتفاق مستقبلاً.
ختاماً : تتعامل "إسرائيل" مع الملف الإيراني حسب نظرية بيغن والتي تتمحور حول عدم امتلاك اي طرف بالمنطقة لسلاح النووي فمن الواضح ان "اسرائيل" تفضل الضربات العسكرية المحدودة، كخيار مرحلي في تحقيق الاهداف المطلوبة تزامنناً مع إستخدام الطرق الدبلوماسية وخلق ظروف دولية ضاغطة على إيران لمنعها من تطوير وامتلاك سلاح نووي، أما بالنسبة لإيران فسوف يبقى البحث عن أسلوب غير مغضب لروسيا تكفل من خلاله حق الرد على الإنتهاكات الإسرائيلية التي تجاوزت الخطوط الحمراء هو الخيار.
منذ عقود تشهد العلاقات الدولية مع إيران بشأن مشروعها النووي حالة بين المد والجزر ولاسيما مع "إسرائيل" التي ترى فيها العدو الأخطر أو المنافس الأقوى في الشرق الأوسط، وشكل الإتفاق النووي الدولي خيبة أمل كبرى لـ "إسرائيل" في ظل عهد الرئيس السابق أوباما، مع تولي دونالد ترامب سدة الحكم تبددت الخيبة ووجدت فيه الأمل المنشود في إلغاء الإتفاق، أو التعديل عليه وفق ما يتناسب مع رؤيتها، كان من الواضح جداً وخلال الأيام الماضية سلسلة عمليات الإستهداف المنظمة بنوعيها الإعلامي والعسكري من قبل المحور "الاسرائيلي -الأمريكي -الأوروبي" ضد إيران وحلفائها في سوريا مضافاً إليه ما قدمه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من معلومات حول سعي ايران الدائم لإمتلاك السلاح النووي، حتى في ذروة الإتفاق الدولي وذلك خلال مؤتمر عقده في مقر وزارة الدفاع قبل إيام.
والسؤال في هذا المقام هل تشكل هذه الأحداث مقدمة لــ "حرب الجبابرة" كما سميت، أم أنه ومع كل تلك الأحداث الجارية والمتغيرات في المنطقة لازالت احتمالية نشوب حرب بعيدة نوعاً ما عن الواقع قريبة في أذهان المحللين والمراقبين وخصوصاً بعد الولاء الخليجي المطلق لرئيس ترامب؟.
كان اسقاط المقاتلة الإسرائيلية حدثاً لافتاً وأعتبر عاملاً في تسريع أي مواجهه جديدة، ولكن الحدث الأخطر والأهم كان في الهجوم الجوي الإسرائيلى على قاعدة "تي فور" التى سقط فيها عدد من مقاتلي الحرس الثوري الإيراني، وتوعدت طهران بالرد على الهجوم الإسرائيلي الأول من نوعه على القوات الإيرانية فى سوريا.
ظل تأخر الرد الإيراني أو خشيتها من الرد محل جدل واسع في الأروقة الإعلامية، مع أن البعض استبعد وقوعه واعتبره ضرباً من ضروب الحرب الإعلامية الباردة بين الطرفين، والجدير بالذكر أن هناك عدة عوامل تحدد وتقيد السياسة الإيرانية في المنطقة بشكل عام وفي سوريا على وجه خاص، ومنها:
أولاً: تعلم ايران بأن أي معركة بينها وبين "إسرائيل" هي بمثابة فرصة حقيقية للتدخل الأمريكي المباشر لاستهدافها، سواء فوق أراضيها أو على الأراضي السورية وإنهاء حلمها النووي بالإضافة الى التهديدات التي تواجهها في الخليج التي تسعى لتقويض النفوذ وإسقاط وحليفيها الحوثي في اليمن و حزب الله في لبنان.
ثانياً : على ضوء ما ذكر سابقاً تخشى إيران أن تفقد بعض مكاسبها المتراكمة في سوريا، على الرغم من أن إيران لا تعرف بوجود أي قوة أو قاعدة عسكرية لها في سوريا كي لا تمنح "إسرائيل" ذريعة جديدة للمطالبة بعقوبات دولية أو مناقشة الأمر في مجلس الأمن بدعوى التهديد الوجودي "لإسرائيل".
ثالثاً : الوجود الروسي في قلب المعادلة السورية، والذي يشكل عاملاً مانعاً لأي حرب قد تحدث على المدى القريب، والذي يهدف الى ايجاد موطئ قدم دائم في حوض البحر المتوسّط وبذلك تكن قادرة على صياغة تحالفات إقليمية جديدة، والسيطرة على جزء من تصدير السلاح والطاقة، إذاً لن تسمح روسيا لأي أحد كان أن ينهي مصالحها في سوريا من خلال الحرب وإلا أن ذلك هوما تسعى إليه الولايات المتحدة.
رابعاً : الوضع الداخلي الإيراني حيث يعاني المجتمع الإيراني من تدهور حاد في مستويات معيشته وعدم استقرار الوضع الاقتصادي والاجتماعي، بالإضافة الى وجود بعض الخلافات والنزاعات الحدودية بينها وبين دول جوارها.
ضجت وسائل الاعلام الاسرائيلي أمس في الحديث عن خطة إيرانية انتقامية من "إسرائيل" على خلفية إستهداف جنودها، مع أن ارتفاع وتيرة الهجمات ضد القواعد الإيرانية قام على تقدير بأنها لن ترد ، فهل من الممكن أن تفعلها طهران ؟.
بالتأكيد لن تبقى إيران مكتوفة الأيدي ولن تنجرالى حرب شاملة فمن الممكن أن تسير وفق مبدأ "ضربة مقابل ضربة" فقد تلجأ الى خيار العمليات تفجيرية على الحدود السورية مع أن هذا لا يليق بدولة تعتبر ذاتها قوة إقليمية ، وهناك احتمالية الرد من بوابة خلفية عبر تنفيذ عمليات إغتيال لبعض الشخصيات الإسرائيلية في الخارج أو تفجير بعض الكنس والسفارات "الإسرائيلية" في عدة عواصم من العالم، ولكن الأمر مستبعد في ظل وضعها الدولي الغير متزن فهي لا تريد أن تضيف عدواً علنياً الى قائمتها.
يمثل عدول أمريكا عن الانسحاب من الاتفاق النووي سبباً مساعداً في الحد من الحرب الباردة بين الدولتين وهذا ما تسعى إاليه الدول الأوروبية وروسيا والصين.
أما فيما يتعلق " بحرب الحلفاء " فمن الواضح أن هذا خيار غير موجود أصلاً، فلا أحد يخوض حرباً بالنيابة عن أحد، فمن المعلوم أن حزب الله يأتمر بأوامر ايران لكن هو الاخر لديه موازنات داخلية وارتفاع وتيرة التأثير الخليجي في الساحة السياسية اللبنانية، ولاسيما عقب فوزه في الإنتخابات اللبنانية الأخيرة.
ومن الجدير ذكره بأن شخصيات وزانة داخل "اسرائيل" حذرت من خطورة الإنسحاب من الاتفاق النووي في هذه الفترة، حيث أكدت دراسة لمعهد أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب بأنه من الخطأ الآن التفكير بإلغاء الإتفاق لأنه يحتوي على مخاطر إستراتيجية، ووصفت الاتفاق بالجيد لأنه أفضل من البدائل الأخرى ذات العواقب الوخيمة ودعت الدراسة الى تأسيس استراتيجية مناسبة تهدف لإلغاء الاتفاق مستقبلاً.
ختاماً : تتعامل "إسرائيل" مع الملف الإيراني حسب نظرية بيغن والتي تتمحور حول عدم امتلاك اي طرف بالمنطقة لسلاح النووي فمن الواضح ان "اسرائيل" تفضل الضربات العسكرية المحدودة، كخيار مرحلي في تحقيق الاهداف المطلوبة تزامنناً مع إستخدام الطرق الدبلوماسية وخلق ظروف دولية ضاغطة على إيران لمنعها من تطوير وامتلاك سلاح نووي، أما بالنسبة لإيران فسوف يبقى البحث عن أسلوب غير مغضب لروسيا تكفل من خلاله حق الرد على الإنتهاكات الإسرائيلية التي تجاوزت الخطوط الحمراء هو الخيار.