وباء الكورونا / تحديات نظامية لدولة الكيان
عمرو أبو غوش
28-03-2020
ترجمة عمرو أبو غوش
صدر عن معهد دراسات الأمن القومي، قراءة للوضع الراهن للكيان في ظل التحديات التي أفرزها تحدي كورونا، حيث أشار كرميت فيدن، مائير اليرن، ساسون حداد، واحاز بن اري، أنّ آثار الفايروس تحتاج إلى وقفة أمثر متانة من قبل الحكومة والمجتمع.
وفق الكاتبين، دولة الكيان تعيش حالة طوارئ، مؤسسات التعليم مغلقة، الأعمال مغلقة، وأناس يفقدون مصدر رزقهم. من أجل مواجهة التحدي بأفضل طريقة يجب الدمج بين استراتيجية الوقاية، المقاومة، والاحتواء التي تم أخذها كجهد أساسي وبين استراتيجية تعزيز الوقاية المجتمعية كجهد ثاني.
الأولى تهدف الى كبح " الاضطرابات أو الاقلاق " والثانية تهدف لإنتاج استمرارية وظيفية ولبناء بنية تحتية من أجل الانتعاش الحيوي بعد ذلك. الدمج بين الاستراتيجيتين يؤسس لركائز أساسية للتكيف الناجح مع حالة الطوارئ.
هذا من خلال الحرص على نشر المعرفة والمعلومة الموثوقة بجانب المحافظة وتقوية ثقة الجمهور، توزيع صلاحيات القيادة، مشاركة المواطنين، وتنشيط الجيش لمساعدة لوجستية للنظام الصحي .
انتشار فايروس كورونا قاد منظمة الصحة العالمية للإعلان في 10 آذار عن الفايروس أنه " وباء عالمي" ، وفي دولة الكيان ولمواجهة التحديات المتطورة للأمن الشخصي والمجتمعي والقومي صادقت الحكومة على قوانين لحالة الطوارئ .
كلما مرت الأيام يعلو عدد الاسرائيليين المصابين وعدد المطلوب منهم الدخول في الحجر المنزلي. لاقتصاد الدولة حدثت أضرار فورية واحتمالية ضرر الاقتصاد على المدى البعيد تسبب مصدر قلق وكل ذلك على خلفية عدم اليقين مما سيحدث بالمستقبل .
الادارة المركزية لحالة الطوارئ على يد الحكومة والسياسات الصارمة المفروضة على المواطنين تعكس تقييم لإمكانية كبح انتشار الفايروس بواسطة احتوائه وعلى الأقل منع انتشاره الواسع .
استخدام وسائل مادية معبرة باستخدام "بناء جدار" المقبولة في دولة الكيان والمستخدمة فيها . بشكل عام من أجل مواجهة تهديدات أمنية . الا أن نموذج "الجدار" لم يعطي حل كامل وبالتأكيد ليس محكم لتشويشات أو اضطرابات صعبة ونشطة وغير معروفة، من فعل انسان "ارهاب" أو بفعل الطبيعة "تسونامي أو وباء". جدران أو حماية صارمة لا يمكنهم أن يكونوا الاستراتيجية الوحيدة من أجل مواجهة تهديد كبير .فما بالك في الحالة الحالية الواسعة النطاق والمستمرة وكثيرة الضرر .
لذلك وفق الكاتبين، مطلوب في حالة الطوارئ الموجودة بناء سريع لاستراتيجية متكاملة الغرض منها المحافظة على الاستمرارية الوظيفية بمستوى مدني ومستوى الدولة بمستوى معقول. لا يفترض قيام نسيج حياة بالحد الأدنى فقط، وانما أيضا لتمكين الاستمرارية بزوال التهديد الفوري وانتعاش سريع للأنظمة بقدر الامكان .
في بناء وتطبيق استراتيجية متكاملة كهذه التي مغزاها تعزيز و تقوية الوقاية، سنتطرق للجوانب الاساسية التالية:
التحدي الاقتصادي – دخلت دولة الكيان لحالة الطوارئ في وقت كان وضعها الاقتصادي يتميز بمعطيات نمو , دين , انتاج والبطالة جيد جدا . لكن للحكومة لا يوجد ميزانية مصادق عليها وهي موجودة في عجز يتجاوز المخطط له . جوهر الضرر الاقتصادي متوقع أن يظهر بانخفاض الانتاج نتيجة لانخفاض الطلب وتهاوي الأسواق المالية .هذا بعد تقليص القوة العاملة, تعطيل فروع السياحة, تقليص المواصلات, تعطيل الجهاز التعليمي, اغلاق خدمات غير ضرورية وبالأساس التعطيل حاضر في معظم الاقتصاد .
نعم متوقع أضرار بالإنتاج "الى حد النمو السلبي" , باقتصاد البيت و القدرة على الكسب . سوق المال الاسرائيلي وبالمثل السوق العالمي يتميز بانخفاض بما في ذلك تضرر أموال التقاعد، لصناديق الاستكمال، لجمهور المستثمرين.
من أجل تخفيض الضرر الاقتصادي على حكومة الكيان أن تعتمد على نقطة البداية الجيدة ولتكبير الميزانية والعجز بشكل ملحوظ . وهذا من أجل السماح برصد الميزانيات المطلوبة للعلاج الطبي وفي نفس الوقت لحماية الاقتصاد . الحماية هذه تحتاج الى التركيز على قطاع الأعمال المتنوعة أيضا باقتصاد البيت من أجل منع التحطم . وللسماح بتجاوز الفترة الصعبة من بين هذه الأمور بواسطة القروض , تأجيل الدفعات ومساعدة العائلات التي بضائقة . بالإضافة لذلك مطلوب على سبيل المثال سياسات مالية تتضمن تخفيض الفائدة وكذلك الشراء الاستباقي لسندات وطنية على يد الدولة من أجل تشجيع سوق المال . الخطوات هذه تتطلب مصادقة ميزانية وتدخل قوي بالاقتصاد من خلال تشريع سريع . هذه تتطلب لإنشاء حكومة عاملة تنفذ المطلوب من خلال التطرق لحماية النسيج المجتمعي الاسرائيلي .
المعرفة والمعلومة – على الرغم من أن هناك من يعتقدون انه لا ينبغي اعلام الجمهور بالتهديدات حتى لا تخلق قلق مبالغ فيه سيضر بعمله الوظيفي وهناك دراسات تشير على ان المعلومة والمعرفة التي بيدي الجمهور في وقت الطوارئ توجد تأثير ايجابي على قدرته في مواجهة التهديد. هكذا يتعاظم الشعور لدى الجمهور على الوضع وكذلك قدرته على مواجهة الصعوبات.
نقطة التوازن صعبة التحديد، من المتصور أن البث المتواصل "في استديوهات مفتوحة" وتعريض الجمهور لنقاشات متكررة قد تؤدي لإضعاف الحصانة. في المقابل يمكن تقييم بأن شعور السيطرة لدى الجمهور تتعزز عن طريق بث في ساعات الذروة فيها يرسل رئيس الوزراء تعليمات للجمهور ويزود تفسيرات(جزئية على الأقل) لإجراءات الحكومة.
كل هذا حتى في الظروف السياسية الحالية في دولة الكيان وظهوره هذا يسبب الازعاج بين الكثيرين.
الثقة والمصداقية _ في وضع الطوارئ المتميز بعدم التأكيد وانتشار المعلومة العقيمة, مطلوب انشاء سلسلة من التحديثات والتعليمات من مصدر معتمد ومقبول لدى الجمهور بمصداقيته ودقته كذلك لضمان الانضباط العام.
مع ذلك ومن أجل انتشار المصداقية "فما بالك بفترة أزمة سياسية مستمرة وتكافل اجتماعي يلوح في كل الأحوال" على القادة أن يتغلبوا على عائقين اثنين :الأول , عدم تجانس كبير في المجتمع الاسرائيلي الذي يضم في داخله مجموعات كبيرة ثقتها في الأنظمة السياسية منخفضة.
الثاني, تداعيات نشر" الأخبار المفبركة" بوسائل التواصل المختلفة. من معطيات استطلاع رأي الذي عمله معهد "غارتنر" لدراسة الوبائيات والدراسات الصحية في شباط الماضي يشير أن الجمهور لا يكلف نفسه عناء التحقق من الشائعات(76% من المستطلعين ادعوا انهم لم يحاولوا دحض أو تأكيد الاشاعة) . في سؤال هل تصدق الاشاعات؟ كان تقريبا تساوي بين المستطلعين (54% أجابوا لا,46% أجابوا نعم).
من هنا احتمالية كبيرة للخلط لدى الجمهور بالنسبة للثقة بالمعلومة التي يتعرض لها.
قيادة موثوقة تفصل بوضوح بين الوباء وبين السياسة تضمن اصغاء الجمهور واجابته للتعليمات.
قيادة موزعة الصلاحيات _ حتى الان ادارة وضع الطوارئ في دولة الكيان تتميز بالتركيز " من الأعلى الى الأسفل" على يد رئيس الوزراء بشكل شخصي رفيع المستوى جنب الى جنب مع وزارة الصحة وملحقاتها. ومع ذلك في حالة الطوارئ مطلوب ايضا ادارة وعمل نظامي موزع وتضمن مشاركة مسؤولين مشتركين في طول وعرض النظام . لمسألة " المشاركة العرضية" الجدير بوزارات الحكومة أن تشارك أكثر لإدارة حالة الطوارئ من خلال اجراءات أخذ القرارات.
القرارات التي أتخذت سابقا على يد الحكومة وضعت المسؤولية الكاملة لتقييم حالات الطوارئ - المدنيين أيضا- على وزير الدفاع , المسؤول عن لجنة سوق العمل في زمن الطوارئ المكونة من مدراء عامي الوزرات وحكوميين وهيئات اضافية وظيفة هذه اللجنة ايجاد مشاكل اقتصادية " ادارية" وبلورة حلول لها معتمدة على نماذج معدة مسبقا. فعالية هذه اللجنة تبدأ عند اعلان الحكومة عن فترة تفعيل اللجنة. هذا الاعلان بحد ذاته ليس له أثر على الميزانية, هدفه ادخال هيئات الدولة لإدارة عمل منظم بحد ذاته يمكن اعطاء اجابات على مشاكل الميدان. ومن الجدير اشراك هذا الجهاز بإدارة الطوارئ. في نفس الوقت من الضروري انشاء قيادة تقود التشارك بين المسؤولين المختلفين من أجل ادارة وضع الطوارئ "مشاركة عامودية " تنفذ بواسطة تفعيل موازي للأنظمة ( من الأسفل الى الأعلى ) وبتضمنها منظمات قطاع ثالث ومواطنين متطوعين وخبراء معاهد لمواضيع ذات صلة . أيضا المجالس المحلية بإمكانهم المساعدة بالتعامل لمعرفتهم بحاجات والموارد المحددة للسكان وقدرتهم على الاستفادة من معرفتهم لتقديم اجابة هادفة ومناسبة, توضيح ونشر معلومة محلية ضرورية, مساعدة أصحاب الأعمال المحليين وتنشيط تجمعات لتقليل الضغط والخوف بين السكان.
مشاركة المواطنين_ المواطنون ليسوا فقط في حيازة مسؤول متشائم أو سلبي ومطلوب منهم تطبيق مراقبة الكترونية و مراقبة شرطية, أظهرت أبحاث أن مشاركة المواطنين في الطوارئ تزيد من وقايتهم وقدرتهم على مواجهة الوضع.
من معطيات الاستطلاع الذي أجراه معهد " غارتنر " تبين على الرغم من أن غالبية الجمهور (76%) يستمع للإرشادات للبقاء بالحجر طواعية , لكن ربع الجمهور ليس لديهم أمان للاستماع للإرشادات. تجنيد مشاركة الجمهور ضرورية ليس فقط من أجل الوقاية الشخصية للفرد وانما أيضا من شأنها المساعدة لمساهمة الجمهور لجهد جماعي لكبح انتشار الفايروس , وبالتالي تحسين الاستمرارية الوظيفية.
تفعيل الجيش _ هنالك ضرورة لدمج الجيش في الجهد القومي, فعيله في وقت حالات الطوارئ تساعد في تمكين الموارد الموجودة. في10 اذار بدأت عملية تجنيد احتياط موضعي لمهمات من بينها تحضير خطة اعلامية للجبهة الداخلية. زيادة عدد قوات نجمة داوود الحمراء والتأهب لاستيعاب مرضى بشكل واسع, مع انتشار الفايروس سيتم استدعاء الجيش في التركيز على الجبهة الداخلية للمساعدة أكثر.
ووظيفته الواضحة للجبهة الداخلية تلامس لوضع الطوارئ في وضع الحرب. لكن انتشاره في مناطق مدنية هي واسعة ولوزير الدفاع صلاحيات للسماح له لمساعدة السكان في وقت المحنة وأيضا في حالة الطوارئ المدنية, من بين هذه الأمور بواسطة تقييد الحركة, التحضير الدقيق لذلك منفذ تقريبا منذ الان.
مفهوم ادارة الطوارئ لدولة الكيان بحاحة للأخذ بالحسبان" اليوم الذي يلي " من أجل السماح للاقتصاد بالانتعاش بشكل سريع الى أقصى حد ممكن.
من المعروف بأن الحكومة تقوم بخطوات صحيحة من أجل كبح انتشار الفايروس ولكن ليست كافية لذلك هذه توصياتنا:-
* على المستوى الاقتصادي :- يجب زيادة الميزانية والعجز بشكل ملحوظ , لحماية قطاع الأعمال واقتصاد البيت ومن خلال ذلك لتخفيض الفائدة ولشراء السندات الوطنية بشكل استباقي.
* يجب ايجاد التوازن بين اغراق الجمهور بفيضان المعلومات من الشبكات المختلفة ومن المحتمل أن يضر بالوقاية عند المجتمع. وبين الحاجة لإنشاء الشعور بالسيطرة لدى الجمهور بواسطة تزويد المعلومة والمعرفة الصادقة والموثوقة.
* يجب تأسيس قيادة تقود المشاركة وتنشأ تآزر لإدارة حالة الطوارئ, لإشراك وزارات الحكومة أكثر في ادارة حالة الطوارئ وفي اجراءات اخذ القرارات لها, ولمنع منافسة مضرة بين مقر الأمن القومي الذي يدير التنسيق بين الوزارات وبين لجنة" سوق العمل في زمن الطوارئ" العليا التي تعمل من وزارة الدفاع.
* يجب تجنيد مشاركة المواطنين ليس فقط من أجل تقوية الحصانة الشخصية ولكن أيضا لتسخيرهم للجهد الجماعي لكبح انتشار الفايروس.
*يجب بالضرورة دمج الجيش بالجهد القومي بالتدرج, على حسب وتيرة سرعة انتشار الفايروس ونطاقه. الى حد مشاركة الجيش بشكل مباشر وواسع بمساعدات مباشرة لتشغيل أنظمة مهمة ومساعدة المواطنين. كل هذا بمراقبة مدنية صارمة واستمرار القيادة للقيادة السياسية .
* على باب رئيس الوزراء تقف المسؤولية للفصل بشكل حاد بين ادارة المعركة على صحة الجمهور وبين العباءة السياسية.
تطبيق هذه التوصيات لأهميتها المركبة هي بناء بنية تحتية " نظامية – تنظيمية" لساعة الطوارئ هذه يحسن الاحتمالات لاحتواء و لكبح انتشار الفايروس ولانتعاش سريع الى أقصى حد ممكن بالرغم من الصعوبات المتوقعة .
وهكذا ادارة حالة الطوارئ الحالية يمكن استخدامها كفرصة لتقوية الحصانة المجتمعية.